واسط / جبار بچاي
يعاني مربو المواشي في محافظة واسط من نقص حاد في الأعلاف وغياب شبه تام للمراعي، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، نتيجة شح المياه وحرمان آلاف الفلاحين من الزراعة الصيفية. هذا الوضع دفع العديد من المربين إلى اللجوء للأسواق المحلية لبيع مواشيهم، خصوصًا الأغنام، تفاديًا لنفوقها أو تدهورها صحياً بسبب الجوع والهزال.
ويصف مربو المواشي الأزمة بأنها من أخطر التحديات التي تواجه قطاع الثروة الحيوانية، الذي يضم أكثر من مليون رأس من المجترات، تشمل الأغنام والأبقار والماعز والجاموس والإبل.
وقال ناهي منصور السلطان، أحد مربي الأغنام، لـ«المدى» إن شح المياه بلغ مستويات غير مسبوقة، مما بات يهدد الثروة الحيوانية في المحافظة. وأضاف: «بعد الخسائر التي تكبّدها الفلاحون في الموسم الشتوي نتيجة تقليص المساحات الزراعية، بدأت آثار الجفاف تتسلل إلى قطعاننا. لقد أصبحت الثروة الحيوانية مهددة بالنقص بسبب غياب الأعلاف والمراعي الطبيعية».
وأكد السلطان أن الموسم الصيفي الحالي سيكون الأصعب على المربين، وسيدفع بالكثير منهم إلى بيع مواشيهم التي بدأت تظهر عليها علامات الهزال. وتابع: «الجفاف بات يتسلل إلى أحشاء المواشي، والقادم يبدو أكثر قسوة».
من جهته، قال حسن صيهود، وهو مربٍ آخر، إن واسط التي تتصدر البلاد سنويًا بإنتاج القمح والثروة الحيوانية، تواجه اليوم خطرًا مزدوجًا على الصعيدين النباتي والحيواني. وأضاف: «يعمل نحو 13% من سكان المحافظة في هذا القطاع، ومع استمرار بيع المواشي بأسعار زهيدة نتيجة الجفاف، فإن أعداد الثروة الحيوانية في تراجع مستمر».
وأشار صيهود إلى أن المربين لا يرون في الأفق أي حلول حقيقية، بسبب غياب المعالجات الجادة لتفاقم شح المياه، وانعدام المراعي والمساحات الخضراء، حتى تلك التي كانت توفرها النباتات البرية.
أكثر من مليون رأس مهدد بالتراجع
بدوره، أوضح مدير زراعة واسط، أركان مريوش الشمري، أن المحافظة، التي يشطرها نهر دجلة من الشمال إلى الجنوب، تعد بيئة خصبة للثروة الحيوانية بجميع أنواعها. وقال إن عدد رؤوس المجترات فيها يزيد على مليون رأس، منها 700 ألف رأس من الأغنام، و125 ألفًا من الماعز، و220 ألفًا من الأبقار، و15 ألفًا من الجاموس، و13 ألفًا من الإبل.
وأشار إلى أن هذه الثروة ترفد أسواق واسط والمحافظات المجاورة بكميات كبيرة من اللحوم الحمراء والحليب ومشتقاته، بالإضافة إلى الأصواف والجلود. لكنه حذّر من تراجع أعداد هذه الثروة نتيجة عجز المربين عن توفير الأعلاف، في ظل الجفاف وانحسار المراعي.
وأوضح الشمري أن الدعم الحكومي للمربين ما يزال دون المستوى المطلوب، رغم المطالبات المستمرة بتوفير الأعلاف الأساسية. وكشف عن وجود 27 معملًا محليًا لإنتاج العلف الحيواني، إلا أن 7 فقط منها تعمل حاليًا، ما يدفع أغلب مشاريع الثروة الحيوانية للاعتماد على الأعلاف الطبيعية.
وأكد أن المواشي، خصوصًا الأبقار والجاموس، تحتاج إلى كميات كافية من الأعلاف الخضراء، إذ لا تكتفي بالأعلاف المركبة.
دعوات للدعم وإنشاء جمعيات مهنية
وشدد مدير الزراعة على أهمية دعم المربين من خلال منحهم قروضًا وسلفًا مالية، وتوفير الأعلاف بأسعار مدعومة، إضافة إلى إنشاء جمعيات متخصصة لتنظيم أعمالهم وتحديد احتياجاتهم. كما دعا إلى تأمين المياه للأراضي الزراعية لإعادة إنتاج الأعلاف الخضراء بمختلف أنواعها.
وكانت واسط قد عقدت مؤتمرًا لدعم الثروة الحيوانية في الربع الأول من العام الحالي، على خلفية التداعيات الخطيرة التي بدأت تضرب هذا القطاع. وأسفر الجفاف عن توقف بعض المشاريع وتراجع الإنتاج الحيواني، فيما أصبحت أعداد كبيرة من المواشي تعاني من النحول والهزال، مما دفع المربين إلى بيعها في الأسواق المحلية بأعداد كبيرة وبأسعار منخفضة.










