بغداد/ تميم الحسن
أدانت بغداد استهداف المنشآت النووية الإيرانية بهجوم أمريكي فجر أمس، فيما لم تُعلّق «الفصائل» العراقية حتى الآن على الحادث.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ ضربات جوية «واسعة ودقيقة» فجر الأحد استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية: فوردو ونطنز وأصفهان، وأكد أنها دُمّرت بالكامل.
أدانت الخارجية الإيرانية بشدّة الضربات الأمريكية، ووصفتها بأنها «عدوان غير مبرر ومبيّت وانتهاك خطير لميثاق الأمم المتحدة».
بالمقابل، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي في بيان صباح الأحد: «تعرب الحكومة العراقية عن بالغ قلقها وإدانتها لاستهداف منشآت نووية داخل أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتؤكد أن هذا التصعيد العسكري يمثل تهديداً خطيراً للأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط ويعرّض الاستقرار الإقليمي لمخاطر جسيمة».
وأضاف العوادي أن «العراق يؤكد رفضه المبدئي لاستخدام القوة في العلاقات الدولية»، داعياً إلى «احترام سيادة الدول وعدم استهداف منشآتها الحيوية، خاصة تلك التي تخضع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتُستخدم للأغراض السلمية».
وشدّد البيان على أن «الحلول العسكرية لا يمكن أن تكون بديلاً عن الحوار والدبلوماسية، وأن استمرار هذه الهجمات من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد خطير ستكون له عواقب تتجاوز حدود أي دولة وتمسّ استقرار المنطقة والعالم».
ودعا العراق في بيانه إلى «التهدئة الفورية وفتح قنوات دبلوماسية عاجلة لاحتواء الموقف والعمل على نزع فتيل الأزمة».
وكان ترامب قد وصف العملية الأخيرة ضد المفاعلات الإيرانية بأنها «نجاح عسكري هائل»، مشيراً إلى أن منشأة فوردو كانت الهدف الأصعب والأكثر تحصيناً «وقد أُبيدت تماماً».
كما هدد الرئيس الأمريكي بأن تكون «الضربات المقبلة أكبر» إذا لم تستجب إيران لمطالب السلام، قائلاً: «هناك أهداف كثيرة متبقية».
وأشارت تقارير إلى أن واشنطن استخدمت قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57 في قصف منشأة فوردو، وهي مصممة لاختراق التحصينات العميقة تحت الأرض.
وأكدت الخارجية الإيرانية أنها «تفاجأت» من الضربة الأمريكية على المفاعلات النووية.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده كانت تواصل العمل من أجل التوصل إلى «تسوية سلمية للملف النووي الإيراني، ولكن تفاجأنا بعدوان غاشم من قبل القوات الأمريكية»، واصفاً الضربات بأنها «انتهاك صارخ وغير مسبوق للمواثيق والقوانين الدولية».
وأضاف في مؤتمر صحفي عقده في إسطنبول أن «أمريكا مسؤولة عن النتائج والتداعيات الوخيمة لهذا التصرف العدواني»، مشدداً على أن «إيران ستواصل الدفاع عن سيادتها وأمنها وشعبها من خلال كل الوسائل الضرورية، ليس فقط ضد العدوان العسكري الأمريكي بل أيضاً ضد تصرفات الحكومة الإسرائيلية غير المبررة».
توسّع الحرب
كانت طهران قد هددت في وقت سابق باستهداف القواعد العسكرية الأمريكية في العراق في حال تدخلت الأخيرة لصالح إسرائيل في الحرب المشتعلة منذ أسبوعين.
ويعتقد مراقبون أن ضربات قد توجه إلى قاعدة عين الأسد غربي العراق والقاعدة العسكرية في أربيل.
وحذّر القيادي عمار الحكيم في «الإطار التنسيقي» من جرّ المنطقة إلى حرب واسعة، قائلاً في بيان: «نعبّر عن أسفنا البالغ وإدانتنا الشديدة للاعتداء الأمريكي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الذي يضع المنطقة والعالم وأمنهما واستقرارهما على شفا تطورات خطيرة».
وأضاف: «وإننا إذ نستنكر هذه الاعتداءات التي تنتهك الأعراف والقوانين الدولية بشكل واضح، نحذر من تبعاتها الخطيرة التي قد تجرّ المنطقة والعالم إلى حرب شاملة».
خطر التسرب الإشعاعي
يُعتقد – بحسب تقارير غربية – أن إيران أخلت المفاعلات قبل الهجوم الأخير.
وأكدت الهيئة الوطنية للرقابة النووية والإشعاعية والكيميائية والبيولوجية في العراق يوم أمس عدم رصد أي مؤشر لتلوث إشعاعي في أجواء العراق حتى الآن.
وذكر رئيسها فاضل حاوي مزيان في بيان أن «نتيجة للضربات الجوية التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية لم يتم تسجيل أي تلوث إشعاعي يُذكر».
وماذا تنتظر الفصائل؟
وسط هذا التصعيد، تتجه الأنظار في العراق صوب «الفصائل» التي هددت سابقاً باستهداف المصالح الأمريكية في حال تدخل واشنطن.
وبحسب مصادر في الإطار الشيعي، فإن «رئيس الوزراء محمد السوداني أخذ تعهدات بعدم تدخل المجموعات المسلحة».
لكن المصادر نفسها تؤكد أن «الفصائل المسلحة لا تثق بالقوات الأمريكية وقد تهاجم حتى لو التزمت بالهدنة».
ولم تعلق الجماعات المسلحة على الهجمات الأمريكية الأخيرة على إيران حتى لحظة إعداد التقرير.
وكان الناطق العسكري لعصائب أهل الحق جواد الطليباوي قد حذّر الولايات المتحدة من المشاركة في أي عدوان إلى جانب إسرائيل ضد إيران أو استهداف المرشد الأعلى علي خامنئي.
وأصدرت السفارة الأمريكية في بغداد تنبيهاً أمنياً حذرت فيه المواطنين الأمريكيين من احتمال تزايد أعمال عنف ضد مصالحها.
كما هددت كتائب حزب الله باستهداف القواعد الأمريكية في المنطقة في حال تدخل واشنطن عسكرياً في الحرب بين إيران وإسرائيل.
ويرى الباحث محمد نعناع أن عدم تدخل الفصائل يعود إلى «ضعف تلك الجماعات وعدم جدوى المشاركة».
ودخلت الفصائل العراقية في هدنة منذ سبعة أشهر مع القوات الأمريكية، متزامنة مع توقف الحرب في جنوب لبنان.
وقال رئيس البرلمان محمود المشهداني في الجلسة التشاورية الأخيرة إن «طهران لا تحتاج المقاومة العراقية ولا تريد توريطنا في الحرب».
ويرى دبلوماسيون سابقون أن تهديدات الفصائل «إحراج للحكومة ومبرر لتوجيه ضربات أمريكية إسرائيلية إلى العراق»، وفق ما قاله غازي فيصل.
وكان مستشار رئيس الوزراء حسين علاوي قد أكد أن «العراق غادر مساحة الاشتراك في ساحات الحرب، ولديه إجراءات دبلوماسية وستراتيجية تجاه الحرب الحالية»










