السليمانية / سوزان طاهر
أدّت استقالة تسعة من أعضاء المحكمة الاتحادية العليا إلى تعقيد أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان، بعد أن كانت الأنظار معلقة على قرار قضائي حاسم بشأن صرفها.
وكشفت هذه الاستقالات، التي أحدثت صدمة في الأوساط القضائية والسياسية، عن عمق الخلافات داخل المحكمة العليا، ما أثار تساؤلات حول آلية اتخاذ القرارات ومستوى النزاع داخل أعلى جهة دستورية في البلاد.
ويُشار إلى أن أكثر من 33 يوماً مرّت على صرف رواتب شهر نيسان لموظفي الإقليم، دون الإعلان عن موعد لصرف رواتب شهر أيار، في وقت بدأت فيه وزارة المالية الاتحادية توزيع رواتب موظفي الدولة لشهر حزيران.
وفي 13 أيار 2025، أعلنت وزارة مالية الإقليم جدول توزيع رواتب نيسان، وتم صرفها خلال أربعة أيام. ومنذ ذلك التاريخ وحتى 21 حزيران، لم يتسلّم الموظفون رواتب الشهر التالي، ما زاد من حدة الاستياء الشعبي في الإقليم.
الانقسام السياسي يعمّق الأزمة
في هذا السياق، يؤكد عضو اللجنة المالية النيابية سوران عمر أن المحكمة الاتحادية كانت الأمل الوحيد لحسم الملف، وأن استقالة أعضائها أدّت إلى تعقيد الموقف.
وأوضح عمر في تصريح لـ(المدى) أن «الحكومة الاتحادية قادرة على صرف الرواتب بأمر مباشر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بشرط التزام حكومة الإقليم بتنفيذ قرارات المحكمة».
وأضاف أن ذلك يشمل تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية، وتوطين الرواتب، وتقديم القوائم وفق المعايير المعتمدة لدى وزارة المالية الاتحادية.
في المقابل، يرى عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني دلشاد شعبان أن الحكومة الاتحادية «تختلق الأعذار» لوقف صرف الرواتب، مشيراً إلى أن الإقليم نفذ ما طُلب منه، بما في ذلك تسليم الإيرادات غير النفطية، ووضع النفط تحت إشراف شركة سومو.
وقال شعبان لـ(المدى) إن «الخلل في الاتفاق النفطي مع تركيا مسؤولية بغداد، وأن قرار وقف صرف الرواتب قرار سياسي يستهدف الإقليم».
وأضاف أن «رئيس الوزراء يمتلك الصلاحية لصرف الرواتب، خاصة في ظل الظروف الحالية، لكن عدم تحركه يعمّق الأزمة».
نداء من حكومة الإقليم ومحاولة قانونية
وجّه مجلس وزراء إقليم كردستان رسالة إلى المحكمة الاتحادية يطعن فيها بقرار وقف صرف الرواتب، معتبراً أنه مخالف للدستور والقانون.
كما اتخذ المجلس قرارات أخرى، أبرزها تمديد العفو عن غرامات المرور بنسبة 20% لستة أشهر، والموافقة على تعيين خريجي كليات الطب العام في وزارة الصحة.
من جهة أخرى، أفاد مصدر رفيع من بغداد بأن قرار المحكمة الاتحادية حول رواتب الإقليم لا يتطلب عقد جلسة جديدة، موضحاً أن جميع القضاة قدّموا آراءهم المكتوبة إلى رئيس المحكمة قبل استقالتهم، ما يتيح له إصدار الأمر الولائي بشكل منفرد.
العقود النفطية والتصعيد السياسي
يرى الباحث السياسي لطيف الشيخ أن السبب الرئيسي لتجميد الرواتب يعود لتوقيع حكومة الإقليم مجموعة من العقود النفطية في واشنطن.
وقال في تصريح لـ(المدى) إن «الحكومة الاتحادية ردّت على تلك العقود بوقف صرف الرواتب، مما أدى إلى شلل اقتصادي في الإقليم، والمتضرر الأول هو المواطن».
وأضاف أن «حل الأزمة يتطلب تدخلاً سياسياً من تحالف إدارة الدولة، إلى جانب التزام حكومة الإقليم بإيقاف تصدير النفط وتسليمه لشركة سومو».
رواتب موظفي كردستان.. مستقبل مجهول بعد استقالة قضاة المحكمة الاتحادية

نشر في: 24 يونيو, 2025: 12:22 ص









