TOP

جريدة المدى > محليات > سوق الذهب في كردستان من الانتعاش الكبير إلى الشلل التام

سوق الذهب في كردستان من الانتعاش الكبير إلى الشلل التام

نشر في: 25 يونيو, 2025: 12:02 ص

 السليمانية / سوزان طاهر

تشهد أسواق مدينة السليمانية، وخاصة سوق الذهب، ركوداً كبيراً غير مسبوق، لأسباب مختلفة، أهمها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يشهدها إقليم كردستان منذ سنوات. ويُعد ملف رواتب موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حيث تؤكد الحكومة العراقية ضرورة تسليم أربيل نفطها إلى بغداد وأن يتم التصدير من خلالها، بينما ترفض حكومة كردستان ذلك، ما أدى إلى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014.
تُعد الأزمة المالية بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا في المشهد السياسي والاقتصادي العراقي. تتعلق هذه الأزمة بتوزيع العائدات النفطية، وحصة الإقليم من الموازنة العامة، ورواتب الموظفين، والسياسات المصرفية، فضلًا عن قضايا الفساد والازدواجية في الرواتب.
وقد أثرت هذه الأزمة على جميع مفاصل الحياة الاقتصادية، وعطّلت الحياة الاجتماعية، وبدأت تؤثر على مسار الأسرة الكردية، وتزيد من تعقيدات الوضع الإنساني.

تأثر بالأزمة المالية
ويؤكد الخبير في الشأن الاقتصادي عثمان كريم أن أسواق الذهب في الإقليم تأثرت بشكل كبير بالوضع المالي، وعدم صرف رواتب الموظفين.
وبيّن في حديثه لـ(المدى) أن "سعر الذهب مرتفع عالميّاً، وهناك نقص كبير في السيولة المالية داخل إقليم كردستان، نتيجة عدم صرف رواتب الموظفين بشكل منتظم، وتراجع الحركة التجارية، وهذه كلها أسباب أدت إلى شلل تام في أسواق الذهب".
وأضاف أن "العشرات من الصاغة اضطروا إلى غلق محلاتهم، بسبب تراجع نشاط شراء الذهب، وأغلب العمليات مختصرة على البيع من قبل المواطن، لسد حاجاته اليومية".
وأشار إلى أنه "في الظروف الاقتصادية الصعبة، يحاول المواطن تغطية الحاجات الأساسية من طعام وشراب، وبالتالي فإن الذهب يُعد من الحاجات الكمالية، التي يمكن الاستغناء عنها، ولو بشكل مؤقت". وتُعد أسواق الذهب من القطاعات التي كانت تلقى رواجاً نسبيّاً في الإقليم، إلا أن تفاقم الأوضاع الاقتصادية، إلى جانب الارتفاع العالمي لأسعار الذهب، أديا إلى ركود غير مسبوق في حركة البيع والشراء، وسط شكاوى متزايدة من التجار والمواطنين على حد سواء.

عوامل خارجية
من جانب آخر، يشخّص عضو اتحاد الصياغ في السليمانية لقمان علي أسباب الركود في أسواق الذهب، بالقول إنها تأثرت بعوامل خارجية، أهمها الأزمة الاقتصادية، وارتفاع السعر العالمي. وأوضح في حديثه لـ(المدى) أن "المواطن لا يتسلّم راتبه إلا كل شهرين، وبالتالي لا يفكر إلا بشراء الحاجات الأساسية الضرورية اليومية، بينما يُعد الذهب من الحاجات الثانوية". وذكر أن "أغلب عمليات سوق الذهب تختصر على بيع المواطن للذهب، أو التبديل بمثقال أقل، للاستفادة من الأموال". وأردف أن "هناك عزوفاً كبيراً عن الزواج داخل الإقليم، وهجرة كبيرة للشباب، وهذه كلها أدت إلى تراجع إقبال المواطن على شراء الذهب، لتزيد من حالة الركود الكبيرة في السوق، وتؤدي إلى غلق العشرات من محلات الصياغة". وأصبحت أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان ملفاً دائماً في المشهد السياسي، يظهر ويعود مع تصاعد التوتر بين بغداد وأربيل، حيث تقوم كل جهة بتحميل الجهة الأخرى مسؤولية الأزمة.

غلق المحلات
بشدار كمال، وهو صاحب محل لصياغة الذهب في السليمانية، يشير إلى أن أسواق الذهب في الإقليم كانت هي الأكثر بيعاً للمعدن الأصفر قبل سنوات.
ولفت خلال حديثه لـ(المدى) إلى أن "النساء في إقليم كردستان يُعرفن بالشغف لشراء كميات كبيرة من الذهب، كما أن مهور الزواج في الإقليم تتطلب أرقاماً كبيرة من الذهب، تصل أحياناً إلى نصف كيلو، أو كيلو في عدد من مناطق كردستان، وخاصة المناطق الريفية".
وتابع أن "الأزمة المالية، وهجرة الشباب الكرد إلى أوروبا، وقلة فرص العمل، كلها أدت إلى تراجع عمليات بيع وشراء الذهب داخل أسواق الإقليم".
وقد عانت قطاعات مختلفة في كردستان من تراجع وركود غير مسبوق، أهمها قطاع السيارات، والعقارات، ليُضاف إليها سوق الذهب، ما يزيد من معدلات البطالة، وسط دعوات لمعالجات سريعة لتأثيرات الأزمة، قبل أن تنعكس على جميع القطاعات الحيوية في الإقليم. ومنذ سنوات، لم يُحل ملف الرواتب في إقليم كردستان، وبقي معلقاً بين الشد والجذب مع الحكومة الاتحادية، وفي كل عام يتجدد هذا الجدل مع إقرار الموازنة الاتحادية، التي تضع شروطاً على الإقليم مقابل تسلمه حصته منها، وأبرزها تسليمه واردات النفط. لكن منذ عامين، وبعد توقف تصدير الإقليم للنفط عبر ميناء جيهان التركي، حولت الحكومة الاتحادية رواتب الموظفين إلى “سلف” تقدم للإقليم.
وعاش الموظفون في الإقليم أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق، نتيجة تأخر صرف الرواتب، وتطبيق نظام الادخار الإجباري.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

سيول السليمانية.. خسائر ووفيات وجمجمال تناشد بغداد بالتدخل السريع
محليات

سيول السليمانية.. خسائر ووفيات وجمجمال تناشد بغداد بالتدخل السريع

 السليمانية / سوزان طاهر   أدت السيول الأخيرة التي اجتاحت قضاء جمجمال في محافظة السليمانية إلى وقوع كوارث إنسانية، أودت بحياة اثنين من المواطنين وإصابة العشرات، فيما لا يزال مصير اثنين من المواطنين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram