علاء المفرجي
عندما يُقرر إغلاق مصنع يُشغّل معظم سكان بلدة صغيرة - مما أثار يأس العمال وازدراء الأسياد - تبدأ الأمور بالانهيار. لم يعد لدى عمال المصنع المحرومين من حقوقهم ما يخسرونه. يلجأ مارتيل، ممثل النقابة ذي الوشوم الكثيرة، وبروس، لاعب كمال الأجسام المدمن على المنشطات، إلى تدابير يائسة. تسوء عملية اختطاف فاشلة في شوارع ستراسبورغ بشكل كارثي، ويجدان نفسيهما فريسة لمؤامرات عالم الجريمة.
"على الحيوانات الحرب" لنيكولا ماتيو الصادرة عن المدى بترجمة محمد فطومي، تظهر لنا الحرب التي يشنها النظام الرأسمالي على العمال، فهذه الرواية تتحدث عن إغلاق مصنع للسيارات في مدينة فوج الفرنسية التي تعاني من الكساد الاقتصادي وتسريح عماله، فتستحضر الفقر واليأس الذي يصيب عماله الشّباب وقتامة مستقبلهم. حيث يختلس الزعيم النقابي مارتل الأموال لدفع تكاليف دار رعاية والدته، وفي محاولة يائسة يتخذ خطوة غير حكيمة للانضمام إلى برونو لاعب كمال الأجسام لاختطاف فتاة لصالح عصابة إجرامية لا ترحم.
ومن هنا ندخل في رواية بوليسية مكتوبة في بيئة معاصرة. شخصيات الرواية وفصولها الصريحة للغاية هي ذكريات الماضي، أحداثها طبقية بكل معنى الكلمة، أسلوبها الشاعري ساخر، لغتها الحادة ساحرة. حبكتها مثيرة ومشوقة، شخصياتها موصوفة ببراعة مذهلة مثل مندوب النقابة مارتل، والشاب الوحشي بروس، والقواد الروسي توكاريف، والعاهرة الصغيرة فكتوريا. فأحداث الرواية مشبوبة من المستحيل إخمادها. حيث يجد البطل الذي تسبب في الكارثة نفسه وحيداً في وسط حقل من الأنقاض.
نيكولاس ماتيو واحد من أشهر الكُتّاب الفرنسيين، حصل على جائزة غونكور عن روايته (أبناؤهم من بعدهم) صدرت عن دار المدى أيضاً. تدور أحداث "حرب الحيوانات" في منطقة "فوج" الفرنسية خلال أوائل العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. تبدأ القصة بمشهد من عام 1965 حيث يساعد الدكتور فابريغاس، وهو عضو سابق في منظمة الجيش السري (OAS)، بيير دوروي، على الهروب من السرية والانتقال إلى مزرعة نائية في منطقة "فوج".
ففي العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، يعيش "مارتيل"، عامل بسيط في مصنع "فيلوسيا"، حياة متواضعة بين راتبه المحدود وأعمال غير قانونية صغيرة، بالإضافة إلى تكاليف رعاية والدته في دار مسنين. تتفاقم المشاكل عندما يُعلن المصنع عن خطة اجتماعية تؤدي إلى إغلاقه، مما يترك مئات العمال في حالة بطالة. يجد مارتيل نفسه متورطًا في شبكة إجرامية بعد أن يُطلب منه اختطاف فتاة من ستراسبورغ وبيعها لمجرمين محليين، مما يؤدي إلى سلسلة من الأحداث العنيفة والمعقدة.
تتميز الرواية بأسلوب سردي مباشر وواقعي، حيث يسلط ماتيو الضوء على قضايا الطبقات العاملة في فرنسا، مثل البطالة، التهميش الاجتماعي، والفساد المؤسسي. من خلال شخصيات مثل مارتيل وبروس، يعرض ماتيو كيف يمكن أن تؤدي الظروف الاقتصادية الصعبة إلى اتخاذ قرارات يائسة تؤدي إلى العنف والجريمة.
تُظهر الرواية أيضًا تأثير الإغلاق المفاجئ للمصانع على المجتمعات المحلية، مما يخلق بيئة من الإحباط واليأس. تُعتبر هذه الرواية بمثابة دراسة اجتماعية نفسية تُظهر كيف يمكن أن تؤدي الأزمات الاقتصادية إلى تفكك النسيج الاجتماعي وزيادة الجرائم.
ونيكولا ماتيو كاتب فرنسي حائز على جائزة غونكور عام 2018. روايته الأولى هي "إلى حرب الحيوانات" (2014)، وهي رواية غموض وجريمة.[ حُوِّلت إلى مسلسل تلفزيوني من ستة أجزاء على قناة فرانس 3 عام 2018. وتُرجمت إلى الإنجليزية عام 2021 بعنوان "من الأنياب والمخالب"، روايته الثانية، "أطفال بعد الحرب" (2018)، تدور أحداثها حول مجموعة من الشباب في بلدة ريفية خيالية شمال شرق فرنسا على مدار ست سنوات. تُصوِّر الرواية المشاكل الناجمة عن تراجع الصناعة. ترجمه ويليام رودارمور، ونُشر في الولايات المتحدة الأمريكية بعنوان "وأولادهم من بعدهم" في 7 أبريل 2020 عن دار نشر "أذر برس".