اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > موسم سقوط الثقافة السياسية الفاشية عربياً

موسم سقوط الثقافة السياسية الفاشية عربياً

نشر في: 2 مارس, 2011: 04:54 م

سعد محمد رحيمهل يمكن القول أن العرب (شعوباً، لا حكومات) بدءاً من يناير 2011، شرعوا بدخول القرن الحادي والعشرين؟ أو إنهم، على الأقل انتفضوا، بعد سبات، من أجل دخول هذا القرن؟ وهل نحن، اليوم، بالتناظر مع حدث سياسي مجتمعي عاصف وغير مسبوق (تظاهرات شعبية مليونية تُسقط، في غضون أسابيع قليلة، أنظمة حكم ديكتاتورية عائلية استأثرت بالسلطة لعقود طويلة) نشهد تغيرات في  الثقافة السياسية السائدة ستقود، آجلاً أو عاجلاً، إلى تغييرات بنيوية عميقة في المجتمع والدولة العربيتين؟
هيمنت، لأكثر من نصف قرن، في البلدان العربية ثقافة سياسية ذات طابع شعبوي، كلياني، يمكن نعتها بالفاشية مثـلت المرجعية الإيديولوجية، على اختلاف ألوانها ومسمياتها، لمعظم أنظمة الحكم فيها. وهي فاشية مهجّنة مقلدة شوهاء ومكيّفة مع موروث محلي سياسي استبدادي ذي جذور موغلة في التاريخ. هذه الفاشية تختلف قطعاً عن الفاشية الأوروبية الصافية (حكم موسوليني في إيطاليا، وهتلر في ألمانيا النازية، في سبيل المثال) لأنها قامت على قاعدة من شبه الدولة وليست الدولة بمعناها القانوني والمؤسساتي المعاصر والمتقدم. سندها الأكبر العائلة والقبيلة، أو الطائفة والمذهب، أي تلك الهويات الفرعية (ما قبل الدولتية). وشبه الدولة هذه استعارت من الأنظمة الفاشية الغربية أساليب أجهزتها المخابراتية القمعية، وطرق رقابتها للمجتمع، وتحكمها بمفاصل الحياة كافة، وهيكلها الإداري البيروقراطي القائم على تراتبية صارمة في معمار هرمي، جاثم على النفوس والأرواح والعقول بقسوة، حيث يقف الحاكم في أعلاه. وقد يبدو الهرم، عندنا، مقلوباً أحياناً (بلغة المجاز، وبوصف مراقب سياسي غربي) إذ يُمسك الديكتاتور الهرم بكامله، وقد جُعل عاليه سافله، من الأسفل والذي سينهار، أو هكذا يأمل ذلك الديكتاتور بمجرد سقوطه وسقوط نظامه هو. بيد أننا نتحدث، في هذا المقام، عن فاشية من نمط خاص، محوّر: فاشية ليست قاهرة للمحكومين وحسب، وإنما ضيقة الأفق في تطلعها الحضاري، وعاجزة عن بناء المجتمع وتخليق شروط النهوض بالدولة وتنمية الموارد الوطنية.. فاشية فاسدة حتى النخاع نجحت في أمرين لسنوات طويلة؛ الأول ضمان ركود سياسي وعلمي واجتماعي واقتصادي وثقافي عام أساسه سياسات هدر للموارد وسرقة للمال العام وإشاعة مناخ من الجهل والتخلف، وتمزيق اللحمة الاجتماعية الوطنية، وعزل إعلامي منظّم. والثاني التشبث بكرسي الحكم حتى الرمق الأخير، في أغلب الأحيان. والنجاح في الأمر الثاني قد عُزّز، وكان تحصيل حاصل للنجاح في الأمر الأول.وصلت هذه الفاشيات إلى سدة الحكم إما من طريق الانقلابات العسكرية أو التوارث العائلي/ القبلي، ولهذا فهي تفتقر أولاً للشرعية. ولسد هذا النقص المريع رفعت شعارات براقة للاستهلاك الإعلامي والسياسي لم تكن بمستطاعها تحقيقها أو لم تكن جادة في ذلك ( الوحدة العربية، تحرير فلسطين، الاستقلال السياسي والاقتصادي، الاشتراكية، الخ.. ).. كان الشعار بديلاً عن الممارسة فيما الفئة الأوليغارشية الحاكمة تحتكر لا السلطة والثروة والنفوذ وحدها وإنما تمثيل المجتمع الذي لن يُسمح له بتمثيل نفسه، وحيث يستوعب المجتمع السياسي المجتمع المدني ويمسخه، فيُختزل الشعب والتاريخ والمبادئ في صورة النظام الحاكم التي تتجلى أخيراً في صورة الحاكم الملهم/ المفدى (بالروح، بالدم)!. أما التشدق بالشعارات والأفكار الدونكيشوتية فيكفي معياراً ومسوِّغاً للقمع وتكميم الأفواه واستمرار حالة الطوارئ، وتأجيل منح الحريات وتكوين المؤسسات الديمقراطية، إلى أجل غير مسمى. أو تبني أشكال كاريكاتورية زائفة لما تسمى بالبيعة والانتخابات بدعوى أنها صيغة ديمقراطية ( خصوصية ). وهذا كله ما كان ليستقيم من غير ما يمكن أن نطلق عليه بصناعة الخوف وتعميمه على وفق مبدأ قديم مؤداه؛ ( فليكرهوا ما شاء لهم الكره، المهم أن يخافوا ). تلجأ الفاشية إلى صناعة أخرى هي صناعة العدو ( الداخلي والخارجي ) لتخوين أي صوت معارض وإشاعة الرعب عند الناس من شبح ذلك العدو المتربص على الأبواب!. وهنا يُفسَّر أي نوع من الاحتجاج والتمرد بأنه ذو أجندات داخلية أو خارجية ( هذا ما قاله زين العابدين بن علي في تونس في أثناء التظاهرات الشعبية التي أطاحت بنظام حكمه، ومثله فعل حسني مبارك في مصر، ومعمر القذافي في ليبيا، وعلي عبد الله صالح في اليمن، والقائمة تطول). في مثل هذا المناخ السياسي يُعسكَر المجتمع، أو يتحول الوطن بجغرافيته كلها إلى ثكنة عسكرية واسعة ومقابر كبيرة. وتشيع نظرية المؤامرة لتكون جزءاً من الثقافة السياسية، وحتى الاجتماعية، السائدة. تحاول الأنظمة الفاشية أيضاً الاستحواذ على المشاعر واحتكارها واستثمارها لصالحها، فهي تقوم بإحياء المهرجانات الصاخبة وتأميم مناسبات الفرح والحزن التقليدية. وقد يصل الوهم عند بعضهم إلى حد تصور احتكار حب الناس كما في رواية 1948 لجورج أورويل حيث يُمنع الحب لأي كان، بقرار سياسي!!، ويوجّه فقط لشخص الأخ الأكبر/ الديكتاتور. ولعل القذافي في مقولته الكوميدية/ التراجيدية: المضحكة والمبكية الأخيرة؛ (الشعب الذي لا يحبني لا يستحق الحياة) خير تجسيدٍ واقعي لمتخيل أورويل الروائي.يطغى الهاجس الأمني، على ما عداه، في ظل مثل هذه الأنظمة. والمقصود بالأمن، ها هنا، بطبيعة الحال، هو أمن النظام الذي يغدو مؤسسة أمنية مخابراتية مرعبة في مقابل جعل المواطن العادي في حالة من القلق المستديم وانعدام الطمأنينة والتوجس من المس

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram