متابعة / المدى
في وقت أعلنت فيه واشنطن وتل أبيب «النصر الستراتيجي» بعد ضربات استهدفت منشآت البرنامج النووي الإيراني، جاءت تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، لتناقض السردية الأميركية، وتؤكد بقاء قدرات إيران النووية الأساسية.
غروسي أكد في تقييم وصف بـ«الحذر والصريح» أن البرنامج النووي الإيراني ما زال «حيًّا»، مشيرًا إلى أن طهران قادرة على استئناف تخصيب اليورانيوم خلال أشهر. كما أشار إلى أن منشآت نووية إيرانية لم تُدمّر بالكامل، وأن بعض أجهزة الطرد المركزي ما زالت صالحة للعمل، بالإضافة إلى اختفاء كمية من اليورانيوم المخصب تُقدّر بأكثر من 400 كلغ، ما يثير شكوكاً حول حجم الأضرار الفعلية.
وأضاف أن إيران قد تسعى لإعادة تفعيل برنامجها النووي «بطريقة أكثر سرية»، خاصة بعد تعليق تعاونها مع الوكالة وتهديدها المفتشين الدوليين، ما يضعف القدرة على التفتيش ويزيد من قلق المجتمع الدولي.
في هذا السياق، أكد الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان أن تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية جاء ردًا على ما وصفه بـ«السلوك الهدام» من قبل مديرها العام تجاه طهران، وذلك وفق بيان صادر عن مكتبه يوم الإثنين.
وخلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد، قال بيزشكيان إن «المبادرة التي اتخذها أعضاء البرلمان.. هي رد طبيعي على السلوك غير المبرر وغير البناء والهدام لمدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، بحسب ما ورد في البيان الرئاسي الإيراني.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة فيينا، البروفسور هاينز غارتنر، إن تصريحات غروسي تُناقض بشكل واضح ما أعلنه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأن «تدمير البرنامج الإيراني بالكامل».
وأوضح غارتنر أن إصرار غروسي على ضرورة عودة المفتشين الدوليين يُعد تأكيدًا على أن البرنامج ما زال فاعلاً، مشيرًا إلى أن تصريحات ترامب تشكل تهديدًا غير مباشر لشرعية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة في ظل تلميحاته باستبدالها بجهات تفتيش أخرى.
وأضاف أن طهران يجب أن تتفادى تكرار تجربة عام 2019 حين وسعت برنامجها بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في 2018. وأشار إلى أن الأوروبيين، وخصوصًا فرنسا، لا يزالون يراهنون على إنقاذ المسار الدبلوماسي، مؤكدًا أن أي تعاون بين إيران والوكالة الدولية يمكن أن يخفف من الضغوط الغربية ويحول دون تفعيل آلية العقوبات.