د. تركي البيرمانيالعراق بلد ولود معطاء ظهرت فيه أول الحضارات الإنسانية ونشأت فيه أول مدرسة في العالم يعود تاريخ نشوئها إلى البابليين في مرحلة ما قبل ظهور مسلة حمو رابي 2342-2288 ق.م 42:1 وظهر فيه أول قانون للجودة في عهد حمو رابي عام 2150 ق.م 33:2 وظهرت فيه المدرسة العقلية في الإسلام وشهد أول الثورات التي تدعو إلى الحرية والانعتاق ومقارعة الظلم
والطغيان ومحاربة الفساد، في المقابل ظهرت فيه اعتى الدكتاتوريات والفساد المالي والإداري بدأ من زياد ابن أبيه مرورا بصدام حسين وصولاً إلى اعتى التقليعات التخلفية المحاصصة الفئوية والطائفية والاثنية والسياسية هذا الاتجاه التخلفي سيصيب التعليم مقتلا لان المتحاصصين يبحثون عن أهل الثقة لا أهل الرأي والخبرة، أدى هذا الاتجاه إلى بروز قيادات إدارية تتسم بالأمية الوظيفية انظر حولك في مختلف المواقع الإدارية بدءا من اعلى الهرم وصولا إلى قاعدته ستجد العديد من ذوي القدرات العقلية المتدنية ومن ذوي الخبرات التخلفية الخامدة يحتلون أعلى السلم الهرمي الإداري من المؤكد إن هؤلاء عاجزون عن إدارة المؤسسات التي أوكل إليهم إدارتها وبدلا من الاستعانة بالخبرات والقدرات الأكاديمية التي تعج بها الجامعات نجدهم يستعينون بالمتردية والنطيحة والوصوليين والفاسدين والمفسدين، هذا الاتجاه لا يمكنه بناء مؤسسات تعليمة أكاديمية تتسم بالجودة والاعتماد، فالمؤسسات التعليمية والجامعات خلال السنوات المنصرمة تدار بحكم المنطق السياسي والمحاصصة الفئوية وليس وفقا لستراتيجية تربوية علمية تعتمد نظرية الحاجات وتشخص الواقع وتحدد القصور في الانجازات والقصور في القدرات والإمكانات المتوافرة وعجز القيادات عن التجديد والتجويد بكلمة أخرى عجز هذه القيادات عن تشخيص موقع نظامنا التربوي بين أنظمة العالم، وماذا نريد ان نحقق ومن يتولى هذه المهمة؟ ومتى نبدأ وأين ننتهي وما هي معاييرنا للمخرجات المراد انجازها؟ لقد اكتفت هذه القيادات باعتماد سياسات ترقيعية بعيدة عن الحاجات الحقيقية لمدخلات هذه المؤسسات وإجراءاتها ومخرجاتها، فغيرت فصلاً من كتاب أو حذفت وحدة دراسية من هنا أو هناك، اعتقادا منها أنها تغير مناهج دراسية، لا نأتي بجديد حين نقول إن العديد من الإداريين الجدد لا يميزون بين المقرر الدراسي والبرنامج الدراسي والمنهج الدراسي ولا يعرفون إن لكل مفهوم من هذه المفاهيم أسس علمية لتصميمه وبنائه، كما أنهم غير قادرين على التعامل مع المنظمة التي يديرونها من خلال أسلوب تحليل النظم.لقد سافر العديد من المسؤولين في الوزارتين (للتسوق) عفوا اقصد إ للاطلاع على أسس بناء المناهج لا احد منهم نقل لنا تجربة فرنسا أو الولايات المتحدة أو كندة على سبيل المثال كيف يصممون مناهجهم على الرغم من وجود مواقع على الانترنيت توضح كيفية تصميم المناهج، على سبيل المثال إدارة التعليم الكندية لها موقع يظهر مفهومهم لتصميم المنهج ووضعهم أهداف مفصلة لكل مرحلة دراسية ويصدق ذلك على فرنسا يمكن الإفادة منه في تصميم مقرراتنا الدراسية، من هذا يمكن القول ان المسافرين من اجل التسوق لا يهمهم كيف يدير العالم مؤسساته التربوية ويصمم مقرراته الدراسية لان هدفهم الأساس المغانم المادية والتقاتل من اجل المحافظة على الكرسي.لا نأتي بجديد حين نقول إن هذا الرهط من الذين يتسمون بالأمية الوظيفية لا يمكنهم بناء مؤسسات تربوية وتعليمية قادرة على المواكبة وتحقيق الجودة والاعتماد لقصور في وعيهم التنظيري وقلة خبرتهم في بناء وتصميم المناهج الدراسية لا بل قصور وعيهم الفلسفي في المجال الذي يعملون فيه، إضافة لضعف قدراتهم على الاستشراف المستقبلي و قصور في فكرهم الإداري ومحدودية نظرتهم في التعامل مع الأحداث واقتصار هذه النظرة على المصالح الفئوية الضيقة.
من يحمي التربية والتعليم من سياسة التجهيل والأمية الوظيفية؟
نشر في: 2 مارس, 2011: 05:20 م