 ذي قار/ حسين العامل

كشفت مديرية بيئة ذي قار عن اتخاذ إجراءات قانونية وإدارية بحق 62 نشاطًا من الأنشطة الصناعية والتجارية المخالفة للبيئة خلال النصف الأول من العام الحالي، وذلك تمهيدًا لتوجيه إنذارات نهائية لها، فيما أعلنت عن رصد مخالفات خطيرة في مجمع معامل طابوق قضاء الإصلاح.

وذكر بيان لدائرة التوعية والإعلام في وزارة البيئة أن «مديرية البيئة في ذي قار نفذت خلال النصف الأول من عام 2025 إجراءات قانونية وإدارية لتعزيز الرقابة على الأنشطة البيئية وضمان الالتزام بالضوابط المعتمدة»، وأوضح: «إذ أرسلت الشعبة القانونية في المديرية 62 كتابَ إنذارٍ لأنشطة مخالفة، إلى جانب إصدار كتابين بخصوص أنشطة مستمرة بالمخالفة، كما تم إغلاق نشاط واحد لعدم الالتزام رغم التنبيهات المتكررة».
وتابع البيان أن «المديرية منحت 16 موافقة بيئية بعد استكمال الفحوص الفنية والتقييمات اللازمة، منها 13 موافقة لصنف (ج)، و3 موافقات لصنف (ب)»، لافتًا إلى أن «هذه الخطوات تأتي ضمن خطة المديرية لتعزيز الرقابة البيئية وترسيخ ثقافة الالتزام بالقوانين لدى أصحاب الأنشطة الصناعية والخدمية».
وفي ذات السياق، كشف مدير بيئة ذي قار الدكتور موفق حامد الطائي عن رصد مخالفات بيئية خطيرة في معامل مجمع طابوق قضاء الإصلاح شرقي الناصرية، وأوضح في حديث لـ«المدى» أنه «بعد إجراء الكشف الموقعي على مجمع معامل الطابوق في قضاء الإصلاح، تبين للفرق البيئية أن المعامل المذكورة لا زالت تستخدم مادة النفط الأسود التي تتسبب بانبعاث غازات ضارة بصحة وحياة السكان المحليين والواقع البيئي بصورة عامة»، مشيرًا إلى أن «المعامل تستخدم منظومات حرق غير كفوءة ومن منشأ غير رصين».
وكشف الطائي: «تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحاب المعامل المخالفة للضوابط والشروط والتعليمات البيئية عبر توجيه إنذارات لتدارك المخالفة والالتزام بالضوابط المعتمدة»، وأضاف: «وفي حال عدم الالتزام بالإنذار، ستضطر دائرة البيئة إلى مخاطبة شركة المنتجات النفطية حول عدم تزويدهم بمادة النفط الأسود لحين معالجة الخلل في منظومة الحرق».
وأشار الطائي إلى أن «وزارة البيئة سبق وأن حدّدت سقفًا زمنيًا أمده 3 سنوات لأصحاب معامل الطابوق لغرض استبدال منظومة الحرق بالنفط الأسود بمنظومة تعمل بالغاز»، وأردف: «مضى عام واحد من المدة المحددة، إلا أننا لم نلمس تحركًا ملموسًا من قبل أصحاب المعامل باتجاه استبدال منظومة الحرق».
ودعا مدير بيئة ذي قار أصحاب المعامل إلى الالتزام بالتوجيهات الوزارية التي تهدف لتحسين الواقع البيئي والحد من الأضرار البيئية، مبينًا أن «تلوث الهواء بالغازات المنبعثة يشكل أضرارًا تراكمية في الهواء والمياه والتربة وغيرها من عناصر البيئة، وهو ما يتسبب بأضرار جسيمة على صحة وحياة الإنسان والحيوان والكائنات الحية».
ويواجه الواقع البيئي في محافظة ذي قار، مركزها مدينة الناصرية (375 كم جنوب العاصمة بغداد)، جملة من التحديات البيئية تتمثل بانحسار المساحات الخضراء وزحف التصحر الناجم عن المتغيرات المناخية وتفاقم مشاكل العواصف الغبارية، فيما تشكّل مكبات النفايات غير النظامية، والجزر العشوائية، ونقص الخدمات البلدية، ورمي مياه الصرف الصحي في الأنهر التي تُستخدم كمصادر لمياه الشرب، تحديًا وتهديدًا كبيرًا لصحة وحياة السكان المحليين، ناهيك عن الملوثات والمخلفات التي تطرحها المنشآت والنشاطات الصناعية والمهنية المخالفة للضوابط والمحددات البيئية. وكان مدير بيئة ذي قار قد كشف في مطلع العام الجاري عن توجيه 106 إنذارات لمخالفات بيئية متنوعة خلال عام 2024، وفيما تحدث عن عدم التزام الدوائر الحكومية بالضوابط والمعايير والإجراءات البيئية، أشار إلى مخالفات تتعلق برمي مخلفات الصرف الصحي في الأنهر ومخلفات نفطية تلوّث التربة والهواء. وكانت مديرية بيئة ذي قار قد كشفت في (10 كانون الثاني 2024) عن 1400 دعوى قضائية أقامتها منذ تأسيس مركز الشرطة البيئية في عام 2009 وحتى مطلع عام 2024، وذلك لملاحقة أنشطة حكومية وأهلية مخالفة للشروط والمحددات والضوابط البيئية، وفيما أشارت إلى فرض غرامات بمئات الملايين على دوائر ومنشآت حكومية تسببت بأضرار بيئية، أكدت وجود منشآت صناعية قديمة باتت خارج ضوابط المحددات البيئية بعد التوسع العمراني. وفي (منتصف تموز 2024) كشفت مديرية بيئة ذي قار عن توجيه إنذارات وفرض غرامات مالية على حقول نفطية مخالفة للمتطلبات البيئية، وذلك بالتزامن مع إعلان لجنة الصحة والبيئة في مجلس المحافظة عن تسجيل أعداد كبيرة من حالات الإصابة بالأمراض السرطانية في المناطق السكنية القريبة من الحقول المذكورة.
وسجلت محافظة ذي قار خلال الأعوام القليلة الماضية ارتفاعًا مقلقًا وغير مسبوق في معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية، إذ ارتفعت معدلات الإصابة من 4 آلاف إصابة عام 2018 إلى 8 آلاف إصابة حتى مطلع عام 2024، فيما بلغ عدد حالات الوفاة المسجلة في المحافظة (3172) في المدة من بداية عام 2013 وحتى نهاية عام 2017. فيما تعزو لجنة الصحة والبيئة في مجلس محافظة ذي قار أسباب ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض السرطانية في محيط المنشآت النفطية إلى الملوثات الناجمة عن العمليات الاستخراجية للنفط الخام.