الأنبار/ علي أحمد

تشهد محافظة الأنبار تفشّياً مثيراً للقلق في حالات الفشل الكلوي، حيث ارتفعت أعداد المصابين بشكل كبير في الأشهر الأخيرة وشملت جميع الفئات العمرية من أطفال وشباب وكبار في السن، هذا التصاعد غير المسبوق في الإصابات يقابله انهيار واضح في الخدمات الصحية وغياب الحملات التوعوية والتثقيفية في المحافظة.

وقال عامر جهاد، مدير مركز الكلية الصناعية في المحافظة لـ«المدى»، إنّ «مركز الكلى في الأنبار يستقبل أكثر من 100 مريض يومياً، والعمل متواصل على مدار الساعة».
وأكد جهاد أنّ «المركز شهد انطلاقته في 28 تموز/يوليو 2021، ويقدم منذ تأسيسه خدمات حيوية أبرزها إجراء عمليات الديلزة الدموية للمصابين بالفشل الكلوي المزمن، فضلاً عن إجراء الفحوصات المختبرية الشهرية بشكل دوري للمرضى».
وبين جهاد أنّ «المركز يستقبل يومياً أكثر من 100 مريض، في حين يبلغ عدد المرضى المسجلين رسمياً والذين يخضعون للديلزة الدموية نحو 253 مريضاً يُستقبلون طوال أيام الأسبوع وفق جداول منظمة».
وأشار إلى أنّ «المركز مزوّد بـ29 جهازاً من أحدث أجهزة غسيل الكلى من إنتاج شركة «فرزينيوس» الألمانية، وتُعدّ من أكثر الأجهزة تطوراً عالمياً في هذا المجال، كما يتوفر كادر طبي متخصص ومؤهل بشكل كافٍ لإجراء عمليات الديلزة ويغطي جميع ساعات العمل».
وأوضح جهاد أنّ «الدوام في المركز مستمر على مدار 24 ساعة، حيث تم تقسيم العمل إلى ثلاث شِفتات (صباحية، مسائية، ليلية)، ويبلغ كل شِفت 8 ساعات لضمان الاستجابة السريعة للحالات الطارئة».
وحول الإحصاءات العامة، كشف مدير المركز أنّ «محافظة الأنبار تضم حالياً نحو 550 مصاباً بالفشل الكلوي يعتمدون على الديلزة الدموية، موزعين على المراكز المنتشرة في مختلف الأقضية: الرمادي، الفلوجة، عامرية الفلوجة، هيت، حديثة، عنه، راوة، القائم، والرطبة»، مؤكداً أنّ «الفئة الأكثر تضرراً هم من تجاوزوا العقد الخامس من العمر».
وفيما يتعلق بالوعي الصحي، أشار جهاد إلى «ضعف واضح في وعي المواطنين بأهمية الكشف المبكر عن أمراض الكلى، حيث لا يلجأ الغالبية إلى الفحوصات الطبية إلا بعد ظهور أعراض متقدمة»، موضحاً «أهمية التوعية بضرورة إجراء الفحوصات الدورية، خصوصاً لمرضى السكري وارتفاع ضغط الدم».
وتحدّث جهاد عن وجود «نقص جزئي في توفر الأدوية والعلاجات»، لافتاً إلى أنّ «المركز يواجه في بعض الأحيان انقطاعاً في تجهيز أدوية المرضى المصابين بأمراض مزمنة».
كما أشار إلى «أبرز التحديات التي تواجه المركز، وهي الحاجة إلى 10 أجهزة إضافية لتقليل ساعات تشغيل الأجهزة الحالية ومنحها فترات راحة، إلى جانب نقص في تمويل المعدات الإدارية ومحطة R.O الخاصة بالحفاظ على جودة المياه والأجهزة».
وحول الدعم الحكومي والمنظمات، أوضح أنّ «وزارة الصحة تقدّم الدعم من خلال المشروع الوطني للديلزة، الذي يوفر مستلزمات طبية للمرضى عبر شركة متخصصة، كما تساهم بعض المنظمات الإنسانية في توفير مياه الشرب والمساعدات المالية للحالات المحتاجة».

وفيما يخص الجانب التوعوي، أكد جهاد أنّ «المركز لا ينفذ حالياً حملات توعوية أو تثقيفية مدروسة موجهة للمواطنين عبر وسائل الإعلام»، مشدداً على «أهمية إطلاق حملات علمية للإعلام لرفع مستوى الوعي المجتمعي بأمراض الكلى».
وختاماً قدم عامر جهاد مجموعة نصائح للوقاية من الفشل الكلوي، منها «عدم تناول الأدوية دون وصفة طبية، وإجراء الفحوصات الدورية لمرضى السكري وارتفاع ضغط الدم، وتجنّب الإجهاد الحراري خاصة في الأجواء الحارة، فضلاً عن اتباع نظام غذائي صحي والابتعاد عن الأطعمة المضرة».
وفيما يتعلق بإجراء الفحوصات المجانية، أكد جهاد أنّ «لا يوجد برنامج طبي دوري معتمد ومدعوم من الحكومة أو أي جهة رسمية»، مشيراً إلى أنّ «ما ينفذ حالياً عبارة عن مبادرات فردية من بعض الكوادر أو المختبرات الخاصة».
يشهد العراق في الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة وعلى رأسها مرض الفشل الكلوي، الذي تحوّل إلى تهديد صامت ينهش صحة المواطنين، وتعد محافظة الأنبار من المناطق المتضررة، إذ تسجل مراكز غسل الكلى فيها أرقاماً متصاعدة من المرضى في ظل ضعف التوعية الصحية وغياب برامج الكشف المبكر.