علاء المفرجي
آفاق تدريس السينما في كليات ومعاهد الفنون الجميلة في العراق تمثل مجالاً واعداً ومهماً في ظل التطورات الثقافية والاجتماعية والتقنية التي يشهدها البلد والمنطقة. ورغم التحديات العديدة، فإن السينما تمتلك قدرة فريدة على التعبير عن الهوية الثقافية، ونقل الواقع، وتحفيز الحوار المجتمعي، مما يجعل تدريسها ضرورة أكاديمية وثقافية في الوقت الراهن.
السينما تعد أداة قوية في بناء الوعي وتوثيق الذاكرة الجمعية. تدريس السينما في كليات ومعاهد الفنون الجميلة يُسهم في خلق جيل من السينمائيين يمتلك وعياً فنياً وقدرة على التعبير عن قضايا المجتمع العراقي بتقنيات سردية وبصرية معاصرة.
ورغم أن كليات الفنون تؤدي دورًا مهمًا في تنمية المواهب وتوفير بيئة تعليمية للفنون البصرية، إلا أن تدريس السينما داخل هذه الكليات لا يخلو من السلبيات والتحديات. إذ يبدو أن النهج التقليدي المُتبع في هذه المؤسسات قد يحدّ من الطابع الإبداعي والتطبيقي الذي تتطلبه صناعة السينما الحديثة.
حيث تعتمد الكثير من كليات الفنون على الجانب الأكاديمي والنظري، حيث تُدرّس السينما من منطلق تاريخي ونقدي أكثر من كونها ممارسة تطبيقية. ورغم أهمية دراسة النظريات والمدارس السينمائية، إلا أن هذا التوجه يقلل من فرص الطلبة في التعلم من خلال التجربة المباشرة والإنتاج العملي، مما ينعكس سلبًا على جاهزيتهم لسوق العمل.
والسينما اليوم قائمة على تقنيات متطورة وسريعة التغير، مثل تقنيات التصوير الرقمي، المؤثرات البصرية، وبرمجيات المونتاج الحديثة. ومع ذلك، لا تواكب بعض كليات الفنون هذه التطورات، سواء بسبب ضعف التمويل أو لعدم وجود كوادر متخصصة، مما يجعل البرامج التعليمية غير مواكبة للواقع المهني.
تفتقر الكثير من الكليات إلى علاقات قوية مع السوق السينمائي المحلي أو العالمي، فلا يتم توفير فرص تدريب حقيقية أو شراكات إنتاجية مع شركات أفلام، مما يحد من فرص الطلبة في بناء شبكة مهنية حقيقية أو اكتساب خبرة عملية.
بعض كليات الفنون تفرض إطارًا صارمًا في التقييم والمخرجات، حيث يُجبر الطلبة على اتباع أنماط معينة من السرد أو الإخراج تتوافق مع الذوق الأكاديمي للهيئة التدريسية، وهو ما قد يحدّ من حريتهم في التعبير الإبداعي واستكشاف أساليب جديدة.
وغالبًا ما تُدرّس السينما كوحدة عامة ضمن برامج الفنون أو الإعلام، دون التفرع إلى تخصصات دقيقة مثل إخراج الأفلام الوثائقية، أو كتابة السيناريو، أو تصميم الصوت. هذا النقص يجعل الخريجين يفتقرون إلى التخصص العميق الذي تتطلبه الصناعة.
ولعل نظرة بسيطة لكبار المخرجين الذين كانت طروحات تخرجهم، السبب الرئيس في أعتلائهم منصة المجد في السينما، بل كانت هي الأشارة الى عمق موهبتهم، والسبب كان هو رفعة ما تعلموه من أكاديمياتهم ومعاهدهم الفنية.
فمارتن سكورسيزي كان يدرس في جامعة نيويورك، بدأ سكورسيزي تصوير فيلمه الأول "من الذي يطرق بابي؟"، وهو مشروع تخرجه الذي طوّره لاحقًا ليصبح فيلمه السينمائي الأول الذي أطلقه في عام 1967. فتح له أبواب العمل في هوليوود لاحقًا.
أما دامين شازيل فقد بدأ مسيرته المهنية من مشروع تخرجه في جامعة هارفارد، حيث أخرج نسخة قصيرة من فيلم إصابة في الرقبة عام 2013. عُرض في مهرجان "صاندانس"، ونال إعجاب النقاد، مما منحه التمويل لإنتاج النسخة الطويلة التي عُرضت في 2014 وحققت نجاحًا هائلًا، حيث حصد الفيلم خمس ترشيحات للأوسكار ونال بثلاث منها. بعدها، واصل شازيل مسيرته بفيلم "لا لا لاند" الذي رسخه كواحد من أهم مخرجي جيله.
ولا ننسى بالطبع أطروحة تخرج انريه تاركوفسكي، وهو أحد أعظم مخرجي السينما الروسية والعالمية، قدّم فيلم " المدحلة البخارية والكمان " عام 1961 كمشروع تخرج من معهد VGIK السينمائي الشهير في موسكو، وهو الفيلم الذي ميزه باستخدامه الفريد للصورة والرمز، الذي عرف به.
وبالتاكيد لا ننسى سبيليبرغ، وفيلم تخرجه "أمبلين’" عام 1968، الذي كرمه هو، بأن أطلق اسم شركة الإنتاج الشهيرة التي أسسها: أمبيلين إنترتينميت.
أمبيلين إنترتينميت