TOP

جريدة المدى > عام > المُغنّي

المُغنّي

نشر في: 9 يوليو, 2025: 12:02 ص

أديب كمال الدين
أيُّها المُغنّي
أنتَ تدمدمُ بأغنيةٍ لا أفهمُها أبداً.
إلِامَ تشيرُ؟
أإلى الطفولةِ الضائعة؟
أم إلى الأعيادِ التي سرقَ الحرمان
دراهمها السّبعةَ وثيابَها اللامعة؟
أم إلى تلكَ السّعادة،
تلكَ المتلفّعة بالسوادِ التي كنتُ أنتظرُها
كما ينتظرُ السّجينُ لحظةَ فتحِ بابِ السّجن؟
آ...
ولماذا ترقصُ وتتمايلُ وتعزف؟
ومَن هؤلاء الذين يُغنّون معك
ويتمايلون ويرقصون؟
كلّ شيءٍ تفعله
لا أفهمُ منهُ شيئاً أبداً.
لغتُكَ غريبة،
نعم.
وموسيقاكَ – رغمَ رقّتها الهائلة –
أغرب.
أنا أسمعُكَ كلّما ظهرتَ في الحُلْمِ لي
أو في نزيفِ الذاكرة
أو في منعطفاتِ الطّريقِ الذي كتبَهُ الله
أو في محطّاتِ المنافي التي لا نهايةَ لها،
وأبدأُ أتأمّلُ في أسرارِ صوتِك
الذي يشبهُ طائراً مُحلّقاً في السّماء
وفي حركاتِكَ وتفاصيل وجهِك
وألوان ثيابِكَ الغامضة
إلى أن تنهمرَ دموعي دونَ قصد.
أيُّها المُغنّي
أعتذرُ إليكَ
فأنا رغمَ كلّ هذا التأمّل والبكاء
لا أعرفُ أغنيتَك
ولا أعرفُ ما تقول.
وأعتذرُ لنَفْسي، بالطبع،
على هذا الجهلِ الخُرافيّ،
بل أعتذر لها ألفَ مرّة
لأنني لا أستطيعُ أنْ أمنعَ عينيّ من البكاء
كلّما سمعتُ أغنيتَك
أغنيتَكَ المُتلفّعةَ بالغموضِ والسّوادِ والأسرار،
والتي تذكّرني، فقط،
بحُلْمِ انفتاحِ بابِ السّجن
لسجينٍ محكومٍ عليهِ بالسجنِ مدى الحياة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

موسيقى الاحد: 250 عاماً على ولادة كروسيل

الحكّاء والسَّارد بين "مرآة العالم" و"حديث عيسى بن هشام"

في مجموعة (بُدْراب) القصصية.. سرد يعيد الاعتبار للإنسان ودهشة التفاصيل الصغيرة

شخصيات اغنت عصرنا.. الملاكم محمد علي كلاي

مقالات ذات صلة

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة
عام

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

أدارت الحوار: ألكس كلارك* ترجمة: لطفية الدليمي يروى كتابُ مذكرات لي ييبي Lea Ypi ، الحائز على جائزة، والمعنون "حُرّة Free" تجربة نشأتها في ألبانيا قبل وبعد الحكم الشيوعي. أما كتابُها الجديد "الإهانة indignity"...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram