خاص/ المدى

في خطوة تعكس حجم الأزمة المائية المتفاقمة في العراق، كشفت لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية عن إصدار هيئة الري في وزارة الزراعة توجيهات تقضي بمنع زراعة المحاصيل الصيفية لهذا العام، وعلى رأسها محصول الشلب، الذي يُعد من أبرز رموز الأمن الغذائي والهوية الزراعية في البلاد.

القرار يأتي في ظل تراجع حاد بمستويات المياه وبلوغ الأزمة حد التأثير على مياه الإسالة في بعض المناطق، ما يُنذر بتداعيات قاسية تطال المزارعين والمواطنين على حد سواء.

ويُعد محصول الشلب، وخاصة نوع "العنبر"، من أهم المحاصيل الزراعية التي تُزرع في محافظات الفرات الأوسط مثل النجف والديوانية، إذ يتميّز برائحته الزكية وجودته العالية، مما جعله يشكل جزءًا من المائدة العراقية التقليدية، فضلاً عن كونه مصدر رزق رئيسي لآلاف المزارعين.

ومع تزايد الضغوط المائية القادمة من دول الجوار، وعلى رأسها تركيا، وتراجع الإطلاقات المائية باتجاه الأراضي العراقية، أصبحت الزراعة الصيفية في مهب الريح، وسط غياب الاتفاقات الحقيقية التي تضمن حصة العراق المائية.

ويأتي هذا القرار بعد تحذيرات سابقة أطلقتها جهات مختصة، تؤكد أن استمرار الجفاف سيؤدي إلى تآكل القطاع الزراعي ويهدد الأمن الغذائي للبلاد، ما يستدعي تحركًا دبلوماسيًا وفنيًا عاجلاً لمواجهة الأزمة.

ويقول عضو لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية ثائر مخيف، في حديث لـ(المدى) إن "اجتماعا لهيئة الري عُقد قبل نحو 20 يومًا، أصدرت خلاله توجيهات تتضمن منع زراعة المحاصيل الصيفية بكافة أنواعها، بما في ذلك محصول الذرة، رغم أنه لا تحتاج إلى أربع ريات، فكيف الحال بمحصول الشلب الذي يتطلب كميات وفيرة من المياه؟".

وأضاف، أنني "سمعت أن هناك تجربة محدودة في محافظة الديوانية لزراعة بضعة دونمات من محصول الشلب بهدف الحفاظ على رز العنبر، لكنني لم أتأكد من صحة هذا الخبر، وأعتقد شخصيًا أن الفكرة لن تُنفذ بسبب شح المياه الحاد الذي وصل إلى مياه الإسالة".

وأكد مخيف أن "معظم المناطق التي تُزرع فيها الشلب ستكون مشمولة بقرار المنع قسريًا، وليس اختياريًا، بسبب نقص المياه".

ونوَّه إلى أن "هذا الحديث يُمهد ويُساعد الجانب التركي على قطع المياه عن العراق".

وحول حجم الضرر المتوقع على المزارعين، أكد مخيف أن "الضرر سيكون كبيرًا في محافظات مثل النجف والديوانية، ليس فقط على المزارعين، بل سيمتد إلى المواطنين أنفسهم"، موضحًا أن "العراقيين اعتادوا على رز العنبر، وهو رمز وطني وغذائي، خاصة في مناطق الفراتين، لارتباطه ببيئة العراق".