متابعة / المدى
أعلن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، في رسالة مصوّرة من سجنه في جزيرة إيمرالي، انتهاء الصراع المسلح مع الدولة التركية، داعيًا إلى مرحلة جديدة تعتمد السياسات الديمقراطية والعمل القانوني، بعد 47 عامًا من القتال. وأكد أوجلان أن الحزب قرر رسميًا التخلي عن فكرة الدولة القومية، وإنهاء الكفاح المسلح بشكل طوعي، واصفًا الخطوة بـ "الفوز التاريخي". وقال إن وجود الشعب الكردي بات معترفًا به، مما يجعل النضال المسلح أمرًا من الماضي.
رسالة مصورة من السجن
في الرسالة التي بثتها وكالة "فرات" المقربة من حزب العمال الكردستاني، وجّه أوجلان (76) عامًا نداءه الذي سمحت به السلطات التركية استثناءً رغم الحظر القانوني، مؤكدًا ضرورة الانتقال إلى المرحلة السياسية، ومؤيدًا ما ورد في نداء "السلام والمجتمع الديمقراطي" الذي أطلقه في 27 فبراير/ شباط الماضي. وأشار أوجلان إلى أن الرد الإيجابي على ندائه خلال المؤتمر الثاني عشر للحزب في كردستان العراق 5 –7 أيار/ مايو 2025 يمثّل لحظة فارقة، وأن الوثيقة الجديدة التي طرحها تحل محل "مسار ثورة كردستان" الذي أُطلق قبل نحو نصف قرن.
وأضاف أن التطورات الأخيرة في الإقليم تؤكد الحاجة إلى هذه الخطوة، داعيًا إلى الالتزام بقوة السياسة بديلًا عن السلاح. وأوضح أن كل ما تحقق من تقدم كان نتيجة لاجتماعات عقدها داخل محبسه، بإرادة حرّة، وفق تعبيره.
دعوة لتشكيل لجنة نزع السلاح
وحول ملف إلقاء السلاح، قال أوجلان إن الخطوات العملية ستُحدد قريبًا، داعيًا البرلمان التركي إلى تشكيل لجنة للإشراف على العملية وصياغة آلية شاملة لإدارة "السلام المجتمعي". وأشاد بجهود حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب" داخل البرلمان من أجل الدفع بتشكيل اللجنة، مشددًا على ضرورة التخلّي عن السلاح بطرق تزيل الشكوك وتثبت الجدية.
وفيما يتعلق بحريته الشخصية، أشار أوجلان إلى أن الحرية الفردية لا تنفصل عن حرية المجتمع، مستندًا إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 2014، الذي يُجيز للمحكومين بالمؤبد المشدد التطلع للاندماج بالمجتمع بعد 25 عامًا من السجن.
وكان الحزب قد أعلن، في 3 تموز/ يوليو الجاري، أن مجموعة أولى من مقاتليه بين 20 إلى 30 عنصرًا ستبدأ تسليم أسلحتها في السليمانية كخطوة أولى ضمن "عملية السلام والحل الديمقراطي". وتشير مصادر إعلامية إلى أن العملية قد تبدأ الخميس بدل الجمعة، بعد وصول رسالة أوجلان.
إردوغان: تركيا خالية من الإرهاب
من جانبه، رحّب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بتصريحات أوجلان، وقال إن بلاده دخلت مرحلة ستشهد "أخبارًا إيجابية" بشأن هدف "تركيا خالية من الإرهاب". وأضاف، في كلمة أمام الكتلة البرلمانية لحزبه، أن حكومته تعمل على إنجاح العملية وعدم السماح لأي أطراف بتخريبها.
وأكد إردوغان أن الدولة ستبرهن، من خلال هذه العملية، أن تضحيات الجنود الأتراك لم تذهب سدى.
في السياق ذاته، يستعد رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، لدعوة قادة الكتل النيابية الأسبوع المقبل من أجل تشكيل لجنة "السلام والمجتمع الديمقراطي"، التي ستتولى متابعة الترتيبات القانونية لمرحلة ما بعد حل حزب العمال الكردستاني.
والتقى كورتولموش، الأربعاء، رئيس جهاز الاستخبارات التركي، إبراهيم كالين، الذي أطلعه على تفاصيل العملية الجارية، بما في ذلك الاتصالات التي أجراها مع حكومتي بغداد وأربيل خلال الأيام الماضية.
وتقول مصادر أمنية تركية إن عملية تسليم الأسلحة ستستغرق من 3 إلى 5 أشهر، وتتم بالتنسيق مع السلطات في العراق وإقليم كردستان، عبر نقاط تسليم تُقام في المناطق الحدودية مع تركيا.
حتى اللحظة، لم تُحسم مسألة مصير مقاتلي الحزب وقياداته، في ظل ترقب إقليمي ودولي لتطورات هذه العملية التي قد تفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الدولة التركية والمجتمع الكردي.










