ذي قار / حسين العامل
أعلنت إدارة مشروع تثبيت الكثبان الرملية في محافظة ذي قار عن مساعٍ لإعادة إحياء نحو 30 دونماً من أشجار الغابات التي تعرضت للحريق مطلع أيار الماضي، مؤكدة أن هذه المساحات تمثل جزءاً من أهم المصدات الطبيعية للكثبان الرملية في المنطقة.
وكانت إدارة المشروع قد أعلنت في وقت سابق عن اندلاع حريقين واسعين أضرا بمساحات كبيرة من الأشجار المقاومة للتصحر في قضاء الفجر (120 كم شمال الناصرية). وتشير مصادر رسمية إلى أن الحرائق مفتعلة، بهدف استغلال جذوع الأشجار في صناعة الفحم، وقد ألقي القبض على أحد هؤلاء المتورطين بعد أسبوعين من اندلاع الحريق.
وقال مدير المشروع، المهندس قحطان عرب جبر، لصحيفة (المدى) "إن الأضرار التي لحقت بنحو 30 دونمًا من الأشجار الصحراوية لا تُعوّض بسهولة"، مضيفاً "أن احتراق شجرة عمرها 25 عامًا لا يمكن تعويضه بشجرة صغيرة عمرها ستة أشهر".
وأوضح جبر "أن المساحات المتضررة كثيفة جداً وتقع في منخفض واسع، ويستلزم إحياؤها القيام بعملية غمر مائي"، لافتاً إلى أنه اقترح على إدارة المصب العام تحويل جزء من مياهه لمدة 15 إلى 20 يوماً لتغذية هذه المناطق.
وأشار إلى أن إدارة المصب اعترضت في البداية، بسبب احتواء المياه على نسب من الأملاح قد تؤثر سلباً على التربة، لكنه استدرك بـ "أن أرض المشروع صحراوية بالأصل، وغير صالحة للزراعة، كما أن الأشجار التي نعمل على إنعاشها مقاومة للأملاح والتصحر".
ورجّح جبر نجاح عملية إعادة إحياء الغطاء النباتي عند تنفيذ خطة الغمر المائي، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن إدارة المشروع رفعت مقترحًا لوزارة الزراعة وتنتظر الرد عليه.
وبيّن أن مشروع غابات شمال ذي قار، الذي تضرر جزء منه، يمتد من قضاء الفجر حتى حدود محافظة الكوت، ويشمل أراضي من قضاء الرفاعي وصولاً إلى الحدود المشتركة مع محافظة الديوانية. وأضاف "أن المشروع يُعد من أكثف وأفضل المصدات الطبيعية للكثبان الرملية، وهو ثمرة جهد استمر لأكثر من 25 عاما". وفيما يتعلق بالتحقيقات في جريمتي الحرق، أكد جبر أن الحريقين وقعا في مطلع أيار، وأن القوات الأمنية ألقت القبض على أحد المتورطين، مرجحاً وجود أشخاص آخرين شاركوا في تنفيذ الجريمة.
ويرى مراقبون أن الخسائر تمثل ضربة قاسية لجهود مكافحة التصحر في ذي قار، التي تتعرض سنوياً إلى أكثر من 250 يوماً من العواصف الغبارية، خصوصاً في منطقة الكطيعة المعروفة بكثبانها الرملية، ويؤكدون أن مشروع تثبيت الكثبان الرملية يُعد حيوياً ليس فقط للمحافظة، بل للعراق ككل، نظراً لأهميته البيئية والمناخية.
وتواجه المحافظة تحديات كبيرة نتيجة التغيرات المناخية وأزمة المياه، حيث تعرّضت مساحات شاسعة من الأهوار للجفاف، وتضررت مئات القرى من شح المياه، ما أدى إلى نزوح أكثر من 10 آلاف أسرة، وقد فقد سكان هذه المناطق مصادر رزقهم الأساسية من الزراعة وصيد الأسماك وتربية المواشي، فيما تسببت العواصف الترابية في مشاكل صحية واسعة النطاق، في حين أسهم ارتفاع درجات الحرارة في تكبيد المحافظة خسائر اقتصادية وتعطيل الدوام خلال فترات الصيف.
وكانت إدارة المشروع أعلنت يوم السبت 3 أيار 2025 عن إخماد الحريق الذي طال 30 دونمًا من الأشجار الصحراوية، وذلك بالتزامن مع إعلان الحكومة المحلية قرب افتتاح مشروع مكافحة التصحر في المحافظة.
وفي 19 أيار 2025، كشفت قيادة شرطة ذي قار عن اعتقال أحد المتورطين بحرق الغابات، في وقت أشارت فيه الحكومة المحلية إلى إعداد خطة لإنشاء حزام أخضر بطول 25 كيلومترًا ضمن مشاريع العام الجاري.
يُذكر أن لجنة الأمر الديواني 73 ومديرية زراعة ذي قار باشرتا يوم الاثنين (29 آب 2025) تنفيذ خطة خمسية لتثبيت الكثبان الرملية في منطقة الكطيعة الصحراوية بين الناصرية والسماوة، وتشمل إقامة حزام أخضر بطول 100 كم على جانبي طريق المرور السريع وبمساحة 250 ألف دونم، في محاولة للتصدي للعواصف التي تضرب المحافظة معظم أيام السنة.
وفي 2 تموز 2024، أعلنت إدارة محافظة ذي قار عن بدء تحرك جديد لمواجهة التغيرات المناخية، بالتعاون مع منظمة (GIZ) الألمانية، فيما وصفت لجنة أزمة التصحر والجفاف ما يتعرض له السكان من آثار "بأنه إبادة جماعية"، داعية الحكومة الاتحادية إلى تبني خطة طوارئ لدعم المتضررين وإعادة توطين النازحين.










