TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: لماذا يكرهون الدولة المدنية ؟

العمود الثامن: لماذا يكرهون الدولة المدنية ؟

نشر في: 10 يوليو, 2025: 12:20 ص

 علي حسين

غالبية احزاب السلطة في العراق تحلم بأن تستيقظ غدا، لتجد أن العلمانيين ومن جاورهم من المنادين بالدولة المدنية قد تبخروا من الوجود، وأصبحوا نسيا منسيا. في كل يوم تزيد حماسة البع في النيل من القوى المدنية، إلى درجة أن أحدهم خرج علينا يوما ليقول بالحرف الواحد لقد سحقنا التيار العلماني وسيظل تابعا للتيار الديني إلى أمد بعيد" ، وظل قياديون ومسؤولون يسخرون من مصطلحات، مثل دولة المواطنة، والقوى المدنية، والحريات، باعتبارها تمثل فكرا منحرفاً، ولا تزال كلمات رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي التي قال فيها إن حزبه استطاع أن يدحر الملحدين والعلمانيين وسنهزم الحداثويين وينتصر عليهم، ماثلة في الذاكرة.
صار الحديث عن العلمانية ، والدولة المدنية نغمة يستخدمها البعض ليثبت انه يفهم في السياسة، فتجدهم وهم يشاركون في دراما السلطة ومنافعها يصوبون مدافعهم باتجاه الحياة المدنية في العراق. وكانت بعض قذائف هذه المدفعية تطلق ضد كل نشاط فني او مدني ، لأنه حسب رأيهم لا ينتمي إلى تراث العراق والى تقاليدنا ، فالبعض يعتقد ان تاريخ العراق ينحصر فقط في السنوات العشرين الأخيرة التي سيطرت فيها أحزاب الإسلام السياسي – سنة وشيعة – على مقاليد الحكم في البلاد.
يكتب نصر حامد أبو زيد في نقده للخطاب الديني السائد، عن الخلط الستراتيجي المتعمد في المفاهيم، حيث يحاول المحافظون والإسلامويون تضليل البسطاء بان العلمانية تعني فصل العقيدة عن الحياة والمجتمع، وبذلك يصورون للرأي العام المتأثر بالخطاب الديني السائد ان العلمانية، مطابقة للإلحاد، ويطرح أبو زيد مفهوما للعلمانية ليس ضد الدين، وإنما ضد هيمنة الدين على كل المجالات، والمقصود هنا بالتحديد تقليص السلطة السياسية لرجال الدين. فنحن لا نطالب بعلمنة قانون الدولة ولا نريد إبعاد الدين عن الحياة العامة، ولكننا نريد تحرير الخطاب الديني من قبضة المؤسسات والأيديولوجيات السياسية، وبذلك يؤسس لخطاب حر بعيد عن الاستغلال.
اليوم نسمع خطباً لسياسيين ومسؤولين وكأننا نستمع لخطب "القائد الملهم" مارشات عسكرية تهيئ الناس لحرب ضد الرذيلة وانعدام الأخلاق، وكأن بغداد تحولت إلى ملهى وماخور ليلي كبير، فقررت العناية الإلهية أن ترسل لنا دعاة الفضيلة وحماة الأخلاق ليملأوا الأرض عدلا وفضيلة بعد أن ملأناها نحن الخطاة جوراً وبهتانا.
ينسى البعض ان المواطن العادي لا يشغله تدين المسؤول او النائب ، ولا يشغله أن يقرأ النواب دعاء الصباح ، ".. لا يشغله هل ان الحكومة قالت إن إنتاجنا النفطي 4 ملايين أو 3 ملايين برميل، المواطن يريد الحد الأدنى من الحياة الكريمة، وظيفة ومسكنا ومأكلا وأملا في الغد.بعيدا عن شعارات الاخلاق والفضيلة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Naif

    منذ 5 شهور

    اتمنى الإنضمام للمحادثة والاستفادة منها

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram