متابعة / المدى
بدأت وزارة الخارجية الأميركية يوم الجمعة في فصل أكثر من 1300 موظف كجزء من عملية إعادة هيكلة واسعة النطاق في ظل إدارة ترامب، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام أميركية، في وقت ذكر فيه منتقدون بأنها ستلحق ضررًا بقيادة أميركا العالمية وجهودها لمواجهة التهديدات في الخارج.
ووفقًا لشبكة CNN، التي استندت إلى إشعار داخلي، تشمل عمليات التسريح 1,107 من موظفي الخدمة المدنية، و246 من ضباط السلك الدبلوماسي، وقد تم إرسال إشعارات الفصل عبر البريد الإلكتروني. وبحسب الإشعار، سيتم وضع ضباط السلك الدبلوماسي الذين تلقوا إشعارات “تقليص القوة” في إجازة إدارية لمدة 120 يومًا، بينما سيحصل معظم موظفي الخدمة المدنية على 60 يومًا.
ومن المتوقع أن يقترب العدد الإجمالي للمغادرين، بما في ذلك الاستقالات الطوعية، من 3 آلاف شخص. وذكرت رسائل داخلية، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، أن الموظفين المقيمين في الولايات المتحدة سيبدؤون في تلقي إشعارات الفصل اعتبارًا من صباح الجمعة.
أشارت الإشعارات إلى أن مناصبهم قد أُلغيت وأنهم سيفقدون الوصول إلى مقر الوزارة في واشنطن وبريدهم الإلكتروني ومحركات الأقراص المشتركة بحلول الساعة الخامسة مساءً، وفق نسخة اطلعت عليها وكالة أسوشيتدبرس.
وقال مسؤولون نقلت عنهم صحيفة نيويورك تايمز إن أكثر من نصف هذا العدد سيأتي من المغادرين الطوعيين، بمن فيهم أولئك الذين قبلوا عرض “الاستقالة المؤجلة” الذي قدمته الإدارة. وتتضمن الخطة، التي كشف عنها في أيار على يد وزير الخارجية ماركو روبيو، تقليص عدد الموظفين المحليين في الوزارة بنحو 18% من خلال تسريحات ومغادرات طوعية، بما في ذلك برامج الاستقالة المؤجلة.
وحذر منتقدون من أن هذه التخفيضات ستضر بالقدرة الدبلوماسية الأميركية في ظل أزمات عالمية جارية في أوكرانيا وغزة وإيران، كما أشاروا إلى أن التقليصات تستهدف مكاتب تُعنى بحقوق الإنسان والديمقراطية وشؤون اللاجئين وجرائم الحرب.
وأثناء قيام الموظفين المفصولين بحزم ممتلكاتهم، تجمع العشرات من الزملاء السابقين والسفراء وأعضاء الكونغرس وآخرون للاحتجاج خارج مبنى الوزارة في يوم حار ورطب، رافعين لافتات عليها: “شكرًا لدبلوماسي أميركا” و”نحن جميعًا نستحق الأفضل”، مشيرين إلى الخسارة المؤسسية والتضحيات الشخصية في سبيل الخدمة العامة.
وقالت آن بودين، التي تقاعدت من وزارة الخارجية عام 2011 بعد خدمة في العراق وأفغانستان: “نتحدث عن من يرتدون الزي العسكري، لكن ضباط السلك الخارجي يؤدون قسماً لخدمة البلاد تمامًا كما يفعل العسكريون. هذا ليس الأسلوب اللائق لمعاملة من خدموا بلادهم ويؤمنون بشعار: أميركا أولًا.”
ودافعت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، عن الخطوة الخميس، قائلة إن “الخطة أُقرت من قبل الوزير وتم تطويرها بعد الحصول على ملاحظات واسعة من الكونغرس ومن الموظفين.”
وأضافت: “الأمر لا يتعلق باستهداف أفراد، بل يتعلق بتحسين الكفاءة من خلال تغيير حجم الإجراءات القضائية.”
وفي الوقت الذي امتدح فيه الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو وحلفاؤهم الجمهوريون هذه الخطوة باعتبارها ضرورية لجعل الوزارة أكثر كفاءة، فإن العديد من الدبلوماسيين السابقين والحاليين أدانوها بشدة، معتبرين أنها تضعف النفوذ الأميركي والقدرة على مواجهة التهديدات الراهنة والناشئة.
نشر وزير الخارجية الأسبق أنتوني بلينكن (في عهد بايدن) على منصة أكس قائلاً: “مشاعري اليوم مع رجال ونساء وزارة الخارجية، السلكين المدني والخارجي، إذ لا مثيل لتفانيهم في خدمة المصلحة الوطنية والشعب الأميركي.”
وتسعى إدارة الرئيس ترامب إلى إعادة تشكيل الدبلوماسية الأميركية وتقليص حجم الحكومة الفيدرالية بشكل كبير. وقد شهدت الفترة الأخيرة عمليات تسريح جماعي تحت إشراف “دائرة كفاءة الحكومة”، بالإضافة إلى خطط لإلغاء وكالات بأكملها مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ووزارة التعليم.
وقد جاءت هذه التطورات بعد حكم صادر عن المحكمة العليا مهد الطريق لبدء عمليات التسريح، رغم أن دعاوى قضائية تطعن في قانونية تلك الإجراءات لاتزال منظورة.
قال السيناتور الديمقراطي آندي كيم، الذي عمل مستشارًا مدنيًا في أفغانستان خلال إدارة أوباما: “من المؤلم الوقوف أمام هذه الأبواب الآن ورؤية الناس يغادرون والدموع في أعينهم، لأن كل ما أرادوه هو خدمة هذا البلد.”
وقال السفير السابق روبرت بليك، الذي خدم في إدارة بوش وأوباما: “ما تريده هذه الإدارة هو أشخاص يطيعون فقط.. وهذه وصفة للكارثة.” صرحت وزارة الخارجية أن هذه التغييرات ستطال أكثر من 300 مكتب وإدارة، ضمن سعيها لتقليص البيروقراطية التي وصفتها بـ”المترهلة”، مؤكدة أن الهدف أيضًا هو إلغاء برامج ترى الإدارة أنها أصبحت منحازة أيديولوجيًا، خاصة تلك المتعلقة باللاجئين والهجرة وحقوق الإنسان والديمقراطية.










