TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الماكنة الديمقراطية

الماكنة الديمقراطية

نشر في: 5 مارس, 2011: 05:21 م

سلمان النقاشأثبتت الأحداث الأخيرة في المحيط الاقليمي حول العراق .. حسب ما أرى على الأقل،  التأثير الكبير الذي كانت تمارسه الانظمة الحاكمة وماكناتها المخابراتية والاعلامية في الداخل العراقي منذ نيسان عام 2003 وحتى مطلع عام 2011، تلك الفترة التي اتصفت بأبشع الاحداث الدموية والانتهاكات الحقوقية التي طالت كل الفئات الاجتماعية العراقية ،هذا كما اكدته  إحصائية لـCNN أظهرت فيه
  أن عدد الضحايا الذين قتلوا في العراق، من مدنيين وعناصر أمنية، خلال العام الماضي فاق قتلى عام 2009، وفق أرقام مستندة إلى بيانات من وزارات الدفاع والداخلية والصحة العراقية.وقتل ما مجموعه 3605 عراقيين عام 2010، مقارنة بـ3479 قتلوا خلال عام 2009 السابق. وتشهد الساحة العراقية اليوم انحسارا ملحوظا لعمليات ارهابية كانت لا تترك فراغا زمنيا دون التأكيد على وجودها المتواصل والمعيق  لبناء الدولة العراقية بالشكل المختلف تماما لطبيعة الانظمة السياسية المحيطة بها .. لابل اسهمت هذه العمليات وبشكل فاعل في تحديد النشاط السياسي العراقي وتحوله من نشاط لإدارة شؤون الدولة الى منافسة محمومة نحو التمكن من السلطة والحصول على اكبر مساحة ضمنها بين الكتل المتصارعة عليها .. حتى تحولت السلطة الى هدف بحد ذاتها لما توفره من امتيازات اولها المال السياسي وآخرها القدرة على المناورة والاستمرار ضمن المجال السلطوي والدفاع عن مكاسبها وتحول المشاريع السياسية الى مجرد شعارات تكاد ان تكون فارغة من مضامينها، إذ تؤكد الفترة السابقة ان البرنامج السياسي لمختلف السطات التنفيذية لم يكن متفقا عليه من الناحية العملية لانه يواجه تناقضات التنفيذ على الارض كلما ارتفع سقف الخلافات بين الكتل المنضوية في التشكيل الحكومي  والمدعومة من قبل كتلها في البرلمان والذي ادى تماما الى تأخر برامج التنمية واختصار المدة المقررة لإعادة هيكلة البنى التحتية الضرورية لانطلاق مشاريع  إعادة البناء والاعمار   والذي خلق هوة كبيرة بين المواطن والسياسي الذي تمكن من السلطة حتى وصلت الحال الى ارتخاء نسيج الثقة بين الطرفين.. اليوم تؤكد شعوب المنطقة بعد ان أثبتت تماما أن إرادة أنظمتها لا تمثل إرادتها  من خلال التأثير الذي أحدثته في الشارع العراقي في رسالة واضحة ومعبرة بشكل حقيقي تذكر فيها ان استقرار الاوضاع في اي بلد من دول المنطقة لا يعني اتفاقا متبادلا بين الشعب والسلطة، إنما ذلك يعود بالدرجة الاولى الى تمكن هذه الانظمة من السيطرة على شعوبها بواسطة قواها الامنية وتمسكها بتراث إيديولوجي كلاسيكي تتوهم الانظمة قبل شعوبها بأن شرعية وجودها مستمدة من هذا التراث .. حتى اذا بدت عورات هذه الانظمة تتكشف من خلال مستويات الفساد في أجهزتها والتخلف الكبير الذي وجدت هذه الشعوب حالها فيه ،أدركت  أخيراً بان الأمر لا بد له من حراك ثوري وان بمفهوم يستوحي ثوريته من مبادئ حقوق الإنسان التي روجت له ماكنة التصدير الديمقراطي.  لا أعتقد ان ما حدث في نيسان عام 2003 يرتقى الى مستوى الانتفاضة او الاحتجاج او ربما الثورة ، رغم انه ادى تماما الى إسقاط النظام القائم آنذاك مع نسف كل اسسه وادوات حكمه بدءاً بأيديولوجيته وانتهاءً بأجهزته القمعية لكنه  ابقى على بعض السلوكيات والقيم الراسخة في بنية النفسية العراقية ذات الجذور البدوية والقبلية حسب الدكتور علي الوردي  بدءاً بالمفاهيم الأخلاقية او حتى النظرة تجاه الواقع والحياة وجدواها بصورة عامة .. الامر هنا يتعدى اتصافه بالحراك التلقائي او العفوي الاجتماعي المنطوي على الفعاليات والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية حتى يصل الى إرادة إنسانية ذات أبعاد تحمل تراكمات التطور العالمي للوجود الانساني ككل احتكت بواقع مهيأ تماما لتقبلها.. إنها مراحل التطور المجتمعي التي لا تقف عند حدود البلدان او إبتعاد الشعوب عن تأثيراتها مهما كانت درجة تخلفها او مهما حاولت انظمتها ان تبعد هذا التأثير عنها .. واظن ان اتفاق أنظمة الحكم هنا على إعاقة وسائل الاتصال الحديثة من الوصول الى شعوبها خير دليل على ذلك  اذ نتذكر كيف كان النظام في العراق حريصا على عدم اتاحة الموبايل والانترنيت والقنوات الفضائية للمواطن العراقي، إضافة الى ما نشهده  اليوم من تسارع الانظمة المهددة من قبل شعوبها لقطع كل هذه الوسائل  في حالات التظاهر  والاعتصامات  .. ويبدو ايضا ان ادارة الشأن الانساني اليوم يأخذ مسارا عالميا تتحدد قوانينه وفقاً للتطور المضطرد دون هوادة في وسائل الاتصال والنقل وتصدير التكنلوجيا.. فحياة الشعوب لم تعد شأنا داخليا قط تفرضه النظم السياسية الحاكمة بدعوى خصوصية مجتمعاتها.. اليوم اصبح الانسان ثروة تتطلع لها برامج الاستثمار.. انه هدف تركز عليه اعلى اهتمامات الرسم الستراتيجي لجميع المشاريع وان الذي يشكل الاعاقة الكبرى في الوصول الى طاقاته الابداعية او الاستهلاكية وأنماطها إنما هي الأنظمة الديكتاتورية التي اتفق على انها المولدة الحقيقية للارهاب في العالم ..وقد لا يتفق التراث الثوري الرومانسي او يتناقض مع دعوات الديمقراطية التي تبثها اليوم  من كانت في الا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram