خاص/ المدى
مع تصاعد درجات الحرارة ووصول البلاد إلى ذروة موسم "الجمرة"، دعت هيئة الأنواء الجوية المواطنين إلى اتخاذ إجراءات وقائية لتفادي التأثيرات الصحية والبيئية الناجمة عن موجات الحرّ الشديدة المتوقعة خلال شهري تموز وآب.
وأكدت الهيئة أن درجات الحرارة المرتفعة في هذا التوقيت ليست استثنائية، لكنها باتت أكثر خطورة في ظل التراجع البيئي الحاصل، فيما وجّهت تحذيرات خاصة للعاملين في الشوارع من التعرض المباشر لأشعة الشمس، داعية المؤسسات الرسمية إلى التعاون لتوفير الحماية للمواطنين.
وقال مدير إعلام الهيئة، عامر الجابري، لـ(المدى)، إن "هذا الارتفاع ليس استثنائيًا بل يتكرر سنويًا في شهري تموز وآب، إلا أن تأثيراته البيئية والصحية تزداد مع تراجع المسطحات المائية وجفاف التربة، ما يؤدي أحيانًا إلى تلوث بيئي يؤثر على صحة المواطنين والاقتصاد الوطني".
ودعا الجابري المواطنين، خصوصًا العاملين في الشوارع كأصحاب البسطات وعمال البناء، إلى "تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس العمودية بين الساعة العاشرة صباحًا والثانية ظهرًا، مع التأكيد على ضرورة استخدام المظلات الواقية وارتداء الأغطية المناسبة للرأس، إضافة إلى الإكثار من شرب المياه والسوائل للحفاظ على توازن حرارة الجسم وتفادي أعراض ضربة الشمس أو الغثيان".
وأكد أن "البقاء داخل المنازل خلال ساعات الذروة يعد إجراءً وقائيًا مهمًا"، موضحًا أن "هذه التوصيات ليست للتخويف، بل لحماية المواطنين من آثار موجات الحر".
ووجه الجابري دعوة إلى "أمانة بغداد والدوائر البلدية في المحافظات لتوفير مظلات بأسعار رمزية للعمال والمتنقلين، تعزيزًا للتعاون بين المواطن والدولة، أسوة بما تقوم به بلدان أخرى في ظروف مشابهة".
وأشار إلى أن "العراق، كونه عضوًا مؤسسًا في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يعمل وفق المعايير الدولية، وقد بدأت الهيئة بتنفيذ دورات تدريبية للإنذار المبكر لتقليل مخاطر الطقس، من بينها دورة حالية تستمر لشهر بمشاركة موظفين من مؤسسات حكومية مختلفة".
وختم الجابري بالقول، إن "الهيئة مستمرة في تحديث الحالة الجوية بشكل يومي"، داعيًا "المواطنين إلى متابعة نشرات الأنواء الجوية والالتزام بتوصيات الجهات المختصة، لاسيما ونحن في ذروة فترة "الجمرة" التي تُعد الأشد حرًا في العام".
ويشهد العراق خلال شهري تموز وآب من كل عام ما يُعرف محليًا بـ"الجمرة"، وهي ذروة فصل الصيف التي تصل فيها درجات الحرارة إلى أعلى معدلاتها، متجاوزة في بعض المناطق حاجز الـ50 درجة مئوية. وتُصنف هذه المرحلة ضمن أشدّ فترات السنة حرارة في المنطقة العربية، حيث تؤثر بشكل مباشر على الحياة العامة، والبنية التحتية، والصحة العامة، والقطاعات الاقتصادية، خاصة الزراعة والطاقة.
وساهم تراجع المسطحات المائية، وانخفاض معدلات هطول الأمطار، والجفاف المستمر، في تفاقم آثار الحرارة في العراق، مما أدى إلى تصحر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وزيادة مستويات التلوث، خصوصًا في المدن الكبرى. كما أن فقدان الغطاء النباتي زاد من امتصاص الأسطح للحرارة، ما جعل المدن أكثر عرضة لموجات "الحرّ الخانق".
تؤكد وزارة الصحة العراقية والمنظمات الدولية أن ضربات الشمس والإجهاد الحراري من أبرز المخاطر التي تواجه المواطنين خلال موسم "الجمرة"، لا سيما كبار السن، الأطفال، والذين يعملون في الهواء الطلق. وتُسجَّل سنويًا عشرات حالات الإعياء وضربات الشمس، ما يجعل من التوعية المجتمعية وإجراءات الحماية ضرورة ملحة.
رغم التحذيرات المتكررة من الأنواء الجوية، لا تزال البُنى التحتية في العراق، وخاصة في ملفي الإسكان والمواصلات العامة، غير مهيأة للتعامل مع الظروف المناخية القاسية. وتواجه الدولة تحديات في توفير ملاجئ ظل أو مناطق باردة عامة، وهو ما يدعو إلى تعزيز التنسيق بين المؤسسات البلدية والخدمية لتقليل الأضرار المحتملة.
