تشهد محافظة المثنى، لاسيما مدينة السماوة وقرى الأرياف المحيطة بها، توسعاً لافتاً في استخدام منظومات الطاقة الشمسية، في ظل الأزمة المزمنة التي تعاني منها البلاد في قطاع الكهرباء، وارتفاع تكاليف المولدات الأهلية، باتت الألواح الشمسية على أسطح المنازل مشهداً مألوفاً، يعكس تحولاً تدريجياً في سلوك المواطنين تجاه مصادر الطاقة البديلة.
انتشار متزايد في المثنى
أبو محمد، أحد سكان حي المعلمين، يوضح تجربته قائلاً: «كلفتني المنظومة ثلاثة ملايين دينار، لكنها وفرت لي طاقة مستقرة بقدرة 10 أمبيرات نهاراً، تكفيني لتشغيل مختلف الأجهزة المنزلية، لا صعود في الفولتية ولا تقلبات تضر بالثلاجة أو المكيف، تخلصت من المولدة ومشاكلها».
جدوى اقتصادية وبيئية
لم يعد الاعتماد على الطاقة الشمسية محصوراً بفئات معينة أو مناطق محددة، إذ شهدت القرى الزراعية بدورها إقبالاً متزايداً على هذا النوع من المنظومات، ويؤكد الناشط البيئي علي الكعبي أن «المولدات التجارية أصبحت عبئاً اقتصادياً، فضلاً عن التلوث والدخان الذي يخنق الأحياء، أما الطاقة الشمسية فهي صديقة للبيئة ولا تُصدر ضجيجاً، وتوفر استقراراً في الفولتية».
ورغم أن الكلفة الأولية للمنظومات ما تزال مرتفعة نسبياً، يرى كثيرون أنها تمثل استثماراً طويل الأمد. ويوضح المهندس ياسر الأعرجي المختص في هندسة الطاقة المتجددة، أن «العمر الافتراضي للألواح يتجاوز 25 عاماً، بينما تدوم بطاريات الليثيوم الحديثة من 10 إلى 15 سنة دون الحاجة إلى صيانة، والمنظومة توفر كهرباء مستقرة من الصباح حتى المساء، وفي الليل تغذي البطاريات المنزل بالطاقة».
دعوات لتدخل حكومي
ورغم الانتشار المتزايد لاستخدام منظومات الطاقة الشمسية، يشتكي المواطنون من غياب الدعم الحكومي، ويطالبون بتوفير قروض ميسّرة، لاسيما في المناطق الفقيرة. تقول أم فهد، من ناحية الهلال: «لو كانت هناك قروض ميسّرة، لأقبل الجميع على شراء الألواح، ولا نحتاج حينها لمولدات ولا نعتمد على كهرباء لا تصلنا إلا لساعات محدودة في اليوم».
وكانت وزارة الكهرباء قد أعلنت في حزيران الماضي عن مبادرة لتشجيع المواطنين على استخدام منظومات الطاقة الشمسية وربطها بالشبكة الوطنية. وأكد الوزير زياد علي فاضل أن الوزارة قامت بتأهيل ثماني شركات ضمن المرحلة الأولى من المبادرة، التي تنفذ بدعم من البنك المركزي العراقي.
وتهدف المبادرة إلى تخفيف الضغط عن الشبكة الوطنية، خاصة مع استمرار تراجع واردات الغاز الإيراني، الذي تعتمد عليه البلاد لإنتاج ما يقارب 6 آلاف ميغاواط يومياً، وهو ما لا يغطي احتياجات العراق المتزايدة، خصوصاً خلال فصل الصيف.
ورغم الترويج الإعلامي للمبادرة، إلا أنها لم تُفعّل على نطاق واسع حتى الآن، في ظل غياب آليات تنفيذ واضحة وعدم وجود تسهيلات عملية للمواطنين، ما اضطر العديد منهم للاعتماد على قدراتهم الذاتية في تركيب المنظومات.
في ظل تباطؤ الاستجابة الحكومية، لا يبدو أن العراقيين ينوون الانتظار طويلاً، فالأزمة مستمرة، والانقطاعات تتكرر، بينما تتحول الشمس من عبء صيفي إلى مصدر طاقة مستقر. ويؤكد أبو علي، صاحب محل لبيع وتركيب الألواح الشمسية في السماوة، أن «الإقبال في تصاعد مستمر، الناس تشتري حتى لو اضطرت للاقتراض، وصاروا يعرفون أن الشمس أنفع من المولدة، خاصة في المناطق التي تنقطع عنها الكهرباء لأكثر من عشر ساعات يومياً».
وبينما لا يزال المواطنون في الجنوب والمناطق الريفية يترقبون تحركاً فعلياً من الدولة، تتوسع منظومات الطاقة الشمسية كحلّ بديل، مستدام وفعّال، يوفر أملاً جديداً في بلد أرهقته أزمات الطاقة لعقود طويلة.










