TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: "يم العباية"

العمود الثامن: "يم العباية"

نشر في: 15 يوليو, 2025: 12:14 ص

 علي حسين

مر صالح الكويتي في رحلاته الاغترابية الطويلة بمحطات كثيرة أولها الكويت التي ولد فيها لأب عراقي، والبصرة التي زارها عازفا للعود، وبغداد التي قرر الاستقرار فيها نهائيا منذ عام 1922 ثم الهجرة او النفي مرغما عام 1951. في بغداد قرأ له صديقه الشاعر عبد الكريم العلاف قصيدة، قال له ان هذه نغمات اكثر منها كلمات فقرر ان يلحنها فخرجت الى النور أولى اغنياته "وين رايح وين " بصوت مطربة جاءت من الشام اطلقت على نفسها اسم زكية جورج، هام بها شعراء بغداد،، لكن زكية جورج وجدت في صالح الكويتي ضالتها ووجد فيها هواه فقرر ان يجعل منها اشهر مطربات بغداد تتسابق شركات اوديون وبيضفون على كسب رضاها، وتسحر شاعر الهند طاغور الذي ما ان راها حتى كتب كلمات "يابلبل غني لجيرانك" التي تحولت بفضل عود صالح الكويتي الى واحدة من اشهر اغنيات ذلك الزمان، وذات يوم تفاجأ زكية جورج، باهتمام صالح الكويتي بمطربة شابة اسمها بدرية أنور، كانت تغني وهي ترتدي العباءة، فلحن لها الكويتي الاغنية الشهيرة " يم العباية..حلوة عباتج "
كانت العباءة المنسابة من الرأس إلى القدمين ولا تنزال جزءاً من الحياة الاجتماعية العراقية، ولم تكن اكتشافاً جديداً وحصريا بأسم السيدة امطار المياحي التي شغلت مواقع التواصل الاجتماعي بالمؤامرة التي تقودها الامبريالية الامريكية ضد عباءتها، بل ذهب الخيال بها انها قررت ان تجعل من العباءة زياً رسميا لنساء العراق.
شهد العراق في بداية القرن الماضي معركة حول السفور والحجاب، كان اشهر من تصدى للدفاع عن حرية المرأة الشاعر والفيلسوف جميل صدقي الزهاوي، فقد كان الشاعر الكبير من ابرز المدافعين عن تعتبر حرية المرأة ومساواتها من أساسيات حقوق الانسان وتقرير المصير، واختيار نمط الحياة التي تريدها، والهيئة التي تظهر فيها، والاعمال التي تريد ممارستها.
من الحكايات الجميلة في تاريخ المرأة العراقية ما قامت به الشاعرة والاديبة المعروفة عاتكة الخزرجي، التي كانت تحضر للمدرسة بالعباءة، لكنها في يوم من الايام قررت ان تتجاوب مع متطلبات العصر، وان تستبدل العباءة بالقبعة، وذات يوم شاع الخبر في ثانوية الاعظمية بأن الاستاذة عاتكة قررت نزع العباءة، وتروي إحدى طالباتها فتقول انه كان يوما مشهودا عندما تزاحمت الطالبات في باب المدرسة وممراتها وساحاتها حيث لاحت امامهن معلمتهن الفاضلة، ليست سافرة، بل وضعت على رأسها بدلا من العباءة قبعة جميلة. همست الطالبات لبعضهن البعض أمام هذا المشهد المثير، "يا ويلي!".
" ياويلي " على العراق الذي ينام هذه الايام ويصحوا على ترند " عباءة امطار ".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. sjar

    منذ 5 شهور

    استمر في الكتابة، ولن نشعر بالملل أبدًا من استعادة تلك الذكريات الجميلة التي نفتقدها كثيرًا.............

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram