 ترجمة / المدى

يهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية مشددة على روسيا ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام خلال خمسين يوماً، معلناً في الوقت ذاته عن مسار جديد لتسليم الأسلحة الأميركية إلى أوكرانيا، في تصعيد واضح بموقفه تجاه موسكو بعد أشهر من الإحباط جراء فشل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
وتُعد هذه التطورات الأخيرة تحولاً في نهج الرئيس الجمهوري الذي تعهد سابقاً بإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات بين روسيا وأوكرانيا بصورة سريعة.

تصعيد ضد موسكو
في السابق، ركز ترامب انتقاداته على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واصفاً إياه بأنه غير مستعد لتقديم تنازلات، لكنه عبّر مؤخراً عن استياء متزايد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأشار إلى أن الحلفاء الأوروبيين سيشترون «مليارات ومليارات» الدولارات من المعدات العسكرية الأميركية التي ستُنقل إلى أوكرانيا لتعزيز إمداداتها الدفاعية. وجاء هذا الإعلان من المكتب البيضاوي إلى جانب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته.
وقال ترامب، وفقاً لتقرير نشرته وكالة أسوشييتد برس: «محادثاتي مع بوتين ودية جداً، ثم تنطلق الصواريخ ليلاً»، مضيفاً: «الأمر سيستمر ويستمر». ولم يقدم الرئيس الأميركي تفاصيل دقيقة حول طبيعة الرسوم الجمركية المحتملة، لكنه وصفها بأنها «رسوم ثانوية»، ما يشير إلى أنها قد تُفرض على شركاء روسيا التجاريين بهدف عزلها اقتصادياً على الصعيد الدولي.
وتشمل الخطة الأميركية الجديدة تزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي «باتريوت»، وسط شكوك أُثيرت مؤخراً بشأن التزام واشنطن بتسليم هذه الأنظمة، خاصة بعد أن علّقت وزارة الدفاع الأميركية الشحنات بسبب انخفاض المخزون المحلي.
من جهته، صرّح الأمين العام للناتو، مارك روته، بأن دولاً مثل ألمانيا وفنلندا وكندا والنرويج والسويد والمملكة المتحدة والدنمارك، ستشارك في شراء الأسلحة لتزويد أوكرانيا بها. وأكد أن «السرعة هنا أمر بالغ الأهمية»، مشيراً إلى أن بعض الشحنات ستُرسل على وجه السرعة، على أن يتم تعويضها لاحقاً من خلال مشتريات من الولايات المتحدة.

اتصال هاتفي مع زيلينسكي وتشكيك روسي
وفي وقت لاحق من اليوم ذاته، نشر زيلينسكي تغريدة ذكر فيها أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع ترامب، ناقشا خلاله «الوسائل والحلول اللازمة لحماية المدنيين وتعزيز المواقع الدفاعية». وأضاف أن ترامب وافق على «تكثيف التنسيق بيننا عبر الهاتف في المستقبل». وعلى الرغم من أن ترامب طالما تفاخر بعلاقته الودية مع بوتين، مؤكداً أن روسيا أبدت استعداداً أكبر من أوكرانيا للوصول إلى اتفاق سلام، فإنه لم يتردد في اتهام زيلينسكي بإطالة أمد الحرب، واصفاً إياه بأنه «ديكتاتور بلا انتخابات».
لكن الهجمات الروسية المتواصلة على المدن الأوكرانية، بما فيها العاصمة كييف، أضعفت صبر ترامب. ففي نيسان/أبريل الماضي، ناشد بوتين وقف قصف كييف، دون أن يلقى استجابة. وتواصل روسيا شنّ غارات جوية بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية، تواجهها الدفاعات الأوكرانية بصعوبة متزايدة، ما دفع ترامب إلى إرسال مزيد من صواريخ باتريوت، مع تأكيده أن الاتحاد الأوروبي سيدفع ثمن «قطع مختلفة من الأسلحة المتطورة».

ردود روسية وانتقادات
المشرّع الروسي البارز كونستانتين كوساتشوف علّق على خطة ترامب، واعتبر أنها تصبّ في مصلحة «المجمع الصناعي العسكري الأميركي» فقط.
أما مبعوث بوتين للاستثمار الدولي، كيريل ديميترييف، الذي شارك في محادثات مع مسؤولين أميركيين في السعودية في شباط/فبراير الماضي، فقد رفض ما وصفه بمحاولات إحداث شرخ بين موسكو وواشنطن. وكتب على «تليغرام»، بحسب أسوشييتد برس: «الحوار البنّاء بين روسيا والولايات المتحدة أكثر فاعلية من محاولات الضغط العقيمة، وهذا الحوار سيستمر رغم كل محاولات عرقلته».

تحديات أمام العقوبات الجمركية
منذ حظر الاتحاد الأوروبي واردات النفط الروسي في الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2022، أصبحت الصين الوجهة الأولى لصادرات النفط الخام الروسي بنسبة 47% تليها الهند بنسبة 38%، ثم تركيا والاتحاد الأوروبي بنسبة 16% لكل منهما، وفقاً لمركز أبحاث الهواء النظيف، وهو منظمة فنلندية غير ربحية ترصد قطاع الطاقة. من جانبها، أعربت زونغيوان زوي، الباحثة في دراسات الصين لدى مجلس العلاقات الخارجية، عن شكوكها في قدرة الرسوم الجمركية على تغيير مسار الحرب. وقالت إن «النفط سلعة قابلة للاستبدال، وروسيا طوّرت أسطولاً سرياً مرناً»، مضيفة أن «تطبيق العقوبات سيكون تحدياً، إلا أن الرسوم قد تترك أثراً دراماتيكياً، بحسب طريقة تنفيذها».