ترجمة / المدى
وصفت صحيفة "ذا كونفرزيشن" الأسترالية مراسم تسليم السلاح التي أقامها حزب العمال الكردستاني في السليمانية بأنها لحظة رمزية تحمل إمكانيات تاريخية، مشيرة إلى أنها قد تمثل بداية عهد جديد للكرد بعد صراع مسلح دام أكثر من أربعة عقود وأسهم في تشكيل الهوية والسياسة الكردية في عموم المنطقة.
وذكرت الصحيفة، في تقرير تابعته (المدى)، أن الحزب أعلن انتقاله من المقاومة المسلحة إلى الحوار السياسي والتعاون الإقليمي، معتبرة أن هذا التحول قد يفتح الباب أمام مرحلة عدالة انتقالية، تشمل محاكمات قانونية وجهودًا مجتمعية لإعادة بناء الثقة.
انعكاسات إقليمية
أشار التقرير إلى تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي أكد فيها البعد الإقليمي للعملية، قائلاً إن "القضية لا تقتصر على مواطنينا الكرد، بل تشمل أيضًا إخواننا في العراق وسوريا"، مضيفًا أن أنقرة تناقش هذا المسار مع الأطراف المعنية وهم "سعداء للغاية"، على حد تعبيره.
ورجّحت الصحيفة أن يؤدي هذا التطور إلى تنشيط الحركة السياسية الكردية بدلًا من انكفائها، سواء داخل تركيا أو في باقي مناطق الشرق الأوسط، كما لفتت إلى أن تحولات المشهد الجيوسياسي، مثل التوتر الأميركي الإيراني، وحرب غزة، وسقوط نظام الأسد، قد دفعت جميع الأطراف إلى مراجعة خياراتها، وجعلت الصراع المسلح خيارًا غير مستدام.
وترى الصحيفة أن هذه المبادرة لا تنبع من حسابات محلية فحسب، بل تمثل أيضًا إعادة تقييم استراتيجي شامل ضمن منطقة سريعة التغيّر.
العراق وسوريا في صلب الحسابات
بيّن التقرير أن تركيا تحافظ على علاقات قوية مع حكومة إقليم كردستان العراق، لكنها تنظر بحذر إلى الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا التي تشكلها قوات سوريا الديمقراطية "قسد". وأشار إلى أن المفاوضات بين الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع وقوات "قسد" لا تزال متعثرة، رغم الضغط الأميركي.
وفي هذا السياق، أبدى السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا، توماس براك، امتعاضه من ضعف التقدم في المفاوضات، ودعا "قسد" إلى الاعتراف بوحدة الدولة السورية.
ورأى التقرير أن احتمال نشوء تحالف تركي–عربي–كردي قوي لا يخدم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل، ما قد يدفع نحو مزيد من الانقسام في الموقف الكردي إقليميًا.
التحدي التركي وإمكانات السلام
سلّط التقرير الضوء على صعوبة المهمة التي تواجهها أنقرة في تنفيذ عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإندماج، مبينًا أن الأمر لا يقتصر على تفكيك التنظيمات المسلحة، بل يتطلب أيضًا إعادة دمج المقاتلين السابقين اجتماعيًا وسياسيًا، وهو ما يحتاج إلى إصلاحات قانونية وثقة مؤسساتية والتزام حقيقي من الدولة.
وانتقد التقرير استمرار تركيا باستخدام مصطلح "مكافحة الإرهاب" رغم الشروع في عملية السلام، محذرًا من أن ذلك قد يقوض الحوار السياسي ويكرّس تجريم المطالب الكردية.
واختتمت الصحيفة الأسترالية تقريرها بالتأكيد على أن نزع السلاح لا يكفي وحده لضمان السلام المستدام، ما لم تترافق العملية مع إنهاء التهميش السياسي للكرد في مؤسسات الدولة والمجتمع المدني. وأشارت إلى أن الأسابيع المقبلة ستحدد ما إذا كانت هذه اللحظة تشكّل تحولًا تاريخيًا حقيقيًا، أم أنها ستنضم إلى سجل الفرص الضائعة في الشرق الأوسط.
صحيفة استرالية: نزع سلاح "العمال الكردستاني" يحمل إمكانيات التحول التاريخي

نشر في: 16 يوليو, 2025: 01:03 ص









