TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: صواريخ ومُسيرات وطنية!!

العمود الثامن: صواريخ ومُسيرات وطنية!!

نشر في: 17 يوليو, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

أتخيل المواطن العراقي المحاصر بانعدام الخدمات والبطالة وشرور الطائفيين، ، وهو يتأمل تقرير الحكومة عن المسيرات التي تقصف اربيل والسليمانية وكركوك ، مرة تخبره الجهات الامنية انها فتحت تحقيق لمعرفة الجهات التي تطلق هذه المسيرات ، ثم تنام الجهات الامنية يومين وتصحو لتقول إنها تندد بهذه الهجمات الغادرة وان التحقيق متواصل ، ثم تختفي أياما قليلة ليخرج علينا احد الناطقين وهو يهز رأسه قائلا: "ياجماعة نحن نواصل البحث عن الجماعات التي تريد العبث بأمن البلاد " ، وسيفرك المواطن العراقي عينيه متسائلاً وهو يستمع إلى هذه التصريحات العجيبة والغربية: هل نحن نعيش في بلاد تسخر من مواطنيها وتستغفل عقولهم إلى هذا الحد؟ هل صار العراقيون بحاجة إلى مسؤولين يغلقون هواتفهم في الليل ويتركون مواطني بعض المحافظات يقضون سهرتهم مع الطائرات المسيرة ؟ ، ام ان الأمر مجرد فيلم من افلام الخيال العلمي ، وان هناك اطباق طائرة هي التي تقصف آبار ومصافي النفط ؟ ، وما الأفضل للناس البقاء أسرى لخطابات الاجهزة الامنية التي لا تفارقها لازمة " التحقيق جاري "، أم تصديق رواية ان الامبريالية هي التي تقصف هذه مناطق ؟.
ماذا يفضّل العراقيون حقاً: العدالة الاجتماعية والرفاهية والأمان، التي ما يزال جميع السياسيين يتغنون بها من أجل الحصول على مزيد من الامتيازات والأموال المنهوبة والمناصب، أم الطائرات المسيرة والصواريخ ونهب الثروات؟ من أوصل المواطن المسكين إلى هذا الخيار؟ إما الصمت على ما يجري من خراب ، أو الهتاف لاجراءات الاجهزة الامنية التي لاتزال تبحث عن الاطباق الطائرة ؟ ماذا حدث لـ"دولة التنمية والاصلاح والبناء "؟ لماذا تغيب خطب محاسبة العابثين بامن البلاد، ولماذا يصمت المدعي العام ؟ بماذا يفكر المواطن وهو يرى المسؤولين يسخرون من معاناته ويقولون له بكل بساطة لم يحن الوقت بعد لأن تصبح صاحب قرارٍ حرٍ، فما زال هناك الكثير من الصواريخ والمسيرات التي نريد أن نجربها؟! ماذا سيقول المواطن العراقي في نفسه عندما يرى أن تضحياته على مدى عقود كاملة انتهت إلى طائرات مسيرة تتجول في سماء العراق دون أن يسألها أحد: ماذا تفعلين؟
يبدو الأمر سريالياً، ونوعاً من مسرحية عبثية ، في بلاد تعجز القوات الأمنية وتتخاذل عن إلقاء القبض على أحد "المفسدين"، لكنها تمارس هيبتها وسلطتها ضد متظاهرين عزل.
في بلاد العجائب والغرائب يبدو المشهد شديد التناقض وموغلاً فى السخرية، جهات مسلحة تصر ان من حقها ان تواصل لعبة اطلاق المسيرات ، وملايين المواطنيين ينتظرون الكهرباء التي صرف عليها مئة مليار دولار ، ايها السادة نحن نعيش في بلاد يريد الجميع أن يضعها تحت إبطه، ومع ساسة بلا مواقف سوى مواقف الصفقات والخطابات الطائفية والعنصرية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram