علي إبراهـيم الدليمي
في إطار التعاون الثقافي بين "مجلة دراسات الطفولة العربية" الفصلية و"كاليري مجيد"، في المنصور، استضاف الكاليري مساء الجمعة 18 تموز، محاضرة بعنوان "جماليات الأسطورة في أدب الأطفال: ملحمة جلجامش استلهاما". ألقى المحاضرة الباحث المعرفي في أدب وثقافة الأطفال، د. جاسم محمد صالح، وقدمها عميد الكلية التقنية بجامعة الأمين، د. إسماعيل محمد جابر.
تضمنت الفعالية أيضا توقيع كتاب إستلهام الأساطير والحكايات الشعبية في أدب الأطفال" لمؤلفه د. جاسم محمد صالح، فضلاً عن توزيع العدد الأخير من مجلة "دراسات الطفولة العربية.
في مستهل المحاضرة، قدمت نبذة مختصرة عن الباحث، تبعها حديثه المستفيض حول استلهام ملحمة جلجامش في أدب الأطفال، التي سلطت الضوء على هذه الملحمة الخالدة وكيف يمكن استلهامها وتقديمها لأطفالنا في قالب أدبي شيق ومفيد.
هذه الملحمة، التي تُعد من أقدم الأعمال الأدبية في تاريخ البشرية، لا تزال تحمل في طياتها قيما إنسانية عميقة، يمكن أن تثري وجدان أطفالنا وتوسع مداركهم.
وتناول، الباحث، جماليات الأسطورة وكيف يمكن توظيفها في أدب الأطفال دون المساس بجوهرها التاريخي أو تعقيداتها الفلسفية. مركزا على الجوانب التي تتناسب مع فهم الطفل وتطوره الإدراكي، مثل قيم الصداقة، البحث عن المعنى، مواجهة التحديات، وتقبل الموت كجزء من الحياة.
كما تطرق إلى أمثلة عملية لكيفية تبسيط الأحداث والشخصيات وتقديمها بطريقة مشوقة ومناسبة لعقول الأطفال، مع الحفاظ على الرسائل التربوية والأخلاقية التي تحملها القصة الأصلية. كانت المحاضرة فرصة ثمينة لمناقشة التحديات الكبيرة التي تواجه كُتَّاب أدب الأطفال عند التعامل مع مثل هذه الأعمال التراثية، وكيف يمكن تجاوزها لتقديم محتوى غني ومُلهم.
رؤية الباحث للنهوض بأدب الطفل
يواجه أدب الطفل في العالم العربي تحديات رئيسية كبيرة تعرقل تطوره وانتشاره، على الرغم من أهميته البالغة.
تتضمن هذه التحديات نقص وقلة الإنتاج الجيد من الأعمال التي تناسب وتلائم نمو الأطفال وتحمل مضمونا تربويا عميقا وتستخدم اللغة الأم بفاعلية.
إضافة إلى ذلك، هناك ضعف في التوزيع والانتشار، مما يحد من وصول الكتب إلى المناطق النائية والفقيرة.
ويعاني أدب الطفل أيضا من غياب الترجمة المنظمة والانفتاح الثقافي المتوازن، مما يؤدي إلى عزلة معرفية أو انتشار مواد مستوردة قد لا تتناسب مع القيم المحلية. بالإضافة إلى ذلك، يوجد قلة في الدعم المؤسسي الحكومي والاستثمار الثقافي طويل الأمد، مما يعيق نموه. وأخيرا، يفتقر العديد من كتّاب أدب الطفل إلى التأهيل الأكاديمي اللازم لفهم احتياجات الطفل والتواصل معه بفعالية.
وفي سياق هذه التحديات، أوضح الباحث رؤيته بقوله: "دأبت على استمداد قصصي من التاريخ وتسخيرها في الجوانب المعرفية والإنسانية والأخلاقية معًا. أتعامل مع الأساطير بمنهج علمي منضبط، إيمانًا بأننا بناة جيل الحاضر من أجل مستقبل زاهر. ينبغي علينا إعادة هندسة سلوكيات وأفعال المجتمع اليومية لنكون أفرادًا فاعلين، نتبوأ مكانتنا التي نستحقها، ونتفوق على شعوب العالم التي تتباهى علينا بالتقدم العلمي والتقني. هذه حقيقة يجب أن يدركها العالم؛ نحن بناة حضارة وأصحاب علم ومعرفة أنارت للإنسانية دروب العلم والمعرفة لآلاف السنين."










