 متابعة / المدى

وعد رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، بإعادة إعمار الخرطوم، في زيارة هي الأولى له إلى العاصمة الخرطوم التي دمّرتها الحرب، منذ توليه منصبه في أيار. وتخطط الحكومة الموالية للجيش لعودة الوزارات إلى الخرطوم، حتى مع استمرار القتال في أجزاء أخرى من البلاد. وكانت الحكومة قد انتقلت إلى بور السودان، على البحر الأحمر، في وقت مبكر من الحرب التي اندلعت في نيسان 2023، ولا تزال تعمل من هناك.

وعرض رئيس الوزراء الجديد مشاريع الإصلاح الشاملة، تحسّبًا لعودة البعض، على الأقل، من حوالي 3.5 ملايين من السكان الذين فرّوا من العنف، وذلك خلال جولة تفقدية شملت مطار المدينة المدمّر وجسورها ومحطات المياه.
ويُتوقَّع أن تشكل إعادة الإعمار مهمة جبّارة، إذ تُقدّر الحكومة تكلفتها بنحو 700 مليار دولار على مستوى السودان، نصفها تقريبًا للخرطوم وحدها.
وأكّد رئيس الحكومة، إدريس، حسب ما نقلت عنه وكالة أنباء السودان الرسمية، السبت، أن «الخرطوم ستعود عاصمة قومية شامخة».
حيث زار مقر قيادة الجيش ومطار المدينة، وهما رمزان وطنيان، عزّزت استعادتهما مع القصر الرئاسي، في وقت سابق من هذا العام، انتصار الجيش في العاصمة، بحسب مكتب الإعلام بولاية الخرطوم.
ووصل رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، السبت، إلى مطار الخرطوم، الذي استعادَه الجيش في آذار، بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليه لمدة عامين تقريبًا.
وانطلقت السلطات في عملياتها في العاصمة لدفن الجثث بشكل لائق، وإزالة آلاف الذخائر غير المنفلقة، واستئناف الخدمات الإدارية. وفي زيارة لمصفاة الجيلي في شمال الخرطوم، أكبر مصفاة للنفط في السودان، وعد إدريس بأن «المنشآت القومية سوف تعود أفضل مما كانت عليه».
وتمت استعادة المصفاة المدمَّرة في كانون الثاني، لكن إعادة تأهيل المنشأة التي كانت تعالج في السابق 100 ألف برميل يوميًّا ستستغرق سنوات، وتكلّف ما لا يقل عن 1.3 مليار دولار، بحسب ما أفاد به مسؤولون.
وتسبّبت الحرب في أكبر أزمة جوع ونزوح في العالم، إذ يعاني ما يقرب من 25 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الشديد، كما أُجبر أكثر من 10 ملايين سوداني على النزوح داخليًّا في أنحاء البلاد. وفرّ أربعة ملايين سوداني آخرين عبر الحدود.
ولا تظهر أي مؤشرات على تراجع القتال في جنوب كردفان وإقليم دارفور في غرب السودان، حيث اتُّهِمت قوات الدعم السريع بقتل المئات في الأيام الأخيرة، في محاولات لتوسيع مناطق سيطرتها.
من جانب آخر، تعرّض 700 مهاجر سوداني إلى ليبيا، جراء الحرب، إلى عمليات ترحيل قسري، السبت، على يد سلطات ليبية، وإجبارهم على العودة إلى بلادهم التي تمزّقها الحرب، وذلك في إطار حملة قمع تستهدف المهاجرين الفارّين نحو أوروبا.
وذكرت «مديرية مكافحة الهجرة غير الشرعية» في شرق ليبيا، أن نحو 700 سوداني، تم احتجازهم مؤخرًا في وسط وجنوب شرق البلاد، جرى ترحيلهم برًّا إلى السودان، يوم الجمعة.
وادعت المديرية في بيان لها أن بعض المرحّلين كانوا يعانون من أمراض معدية، من بينها التهاب الكبد الوبائي والإيدز، بينما تم ترحيل آخرين بسبب إدانتهم بجرائم أو لأسباب أمنية، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وفي مأساة جديدة يشهدها الوضع الإنساني في السودان، أعلنت أمس الاثنين، مفوضية العون الإنساني بولاية الشمالية في السودان عن وفاة 17 نازحًا داخليًّا أثناء تنقّلهم من مدينة «الطينة» الحدودية في ولاية شمال دارفور إلى منطقة «الدَّدَبة» بالولاية الشمالية، بعد أن ضلّوا طريقهم في الصحراء.
وتأتي هذه المأساة في ظل تصاعد العنف في إقليم دارفور، لا سيّما بعد الهجمات المتكررة التي تشنّها قوات الدعم السريع على مناطق شمال مدينة كتم، والمالحة، والفاشر، ما أدّى إلى نزوح آلاف المدنيين نحو الشمال.
من جانب آخر، أوضحت هيام عمر، مسؤولة تنمية الطفل في الولاية، أن بعض النازحين تعرّضوا لهجوم مباشر من قبل قوات الدعم السريع فور مغادرتهم مدينة الطينة، ما زاد من معاناتهم أثناء عبور الصحراء.
تسلّط هذه الكارثة الإنسانية الضوء على الظروف المروعة التي يعيشها النازحون الفارّون من مناطق النزاع، والحاجة الملحّة إلى توفير ممرات آمنة ومساعدات إنسانية عاجلة لهم.

عن وكالات عالمية