TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بكت الوزيرة.. ضحكت الوزيرة

العمود الثامن: بكت الوزيرة.. ضحكت الوزيرة

نشر في: 22 يوليو, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

هل شاهدت مثلي مقطع فيديو وزيرة المالية البريطانية تبكي في البرلمان لشعورها بالإحراج من الوضع الاقتصادي الذي تمر فيه بلادها، سيقول البعض : يارجل نحن في بلاد الرافدين انشغلنا بضحكة " التكنوقراط " وزيرة المالية العراقية، داخل قبة البرلمان العراقي تقول للنواب : " ما بيه حيل أدافع "، ولأننا بلاد تعتبر الوزراء ثروة وطنية، فقد بادر النائب " المثابر " مصطفى سند مشكورا واخبر الوزيرة بانه موجود للدفاع عنها، مابين بكاء الوزيرة البريطانية راشيل ريفز التي اتهمها البرلمان بالتقصير، وضحكة الوزيرة العراقية طيف سامي التي اخبرتنا بكل اريحية ان الموازنة في خبر كان، تكمن مشكلتنا المستعصية، فنحن في بلاد يتحول فيها المسؤول الى كائن مقدس لا يمكن الاقتراب من قلعته الحصينة، تخيل عزيزي القارئ ان برلمان يعجز عن عقد جلسة لمناقشة فاجعة الكوت، هو نفس البرلمان الذي اطلق الهلاهل والاناشيد بعد اقرار قانون الاحوال الشخصية السيء الصيت والسمعة.
عندما شاهدت صورة الوزيرة البريطانية وهي تبكي، تصورت أنها متهمة بلفلفة عشرات الملايين من اموال الصحة كما فعلت وزيرة الصحة "المؤمنة" عديلة حمود، او ان هذه الوزيرة البريطانية سولت لها نفسها فحولت اموال الكهرباء الى حسابها الخاص مثلما فعل "المناضل" ايهم السامرائي، وقلت مع نفسي حتماً ارتكبت هذه السيدة معصية كبيرة عندما تركت عشرات الاطفال يموتون حرقا في مستشفى حكومي، وذهب خيالي بعيداً، وقلت بالتأكيد أن هذه السيدة شريك في صفقة هياكل المدارس الحديدية التي لم ترَ النور. ولكن حين قرأت الخبر أدركت أنني تجنيت على مسؤولينا كثيراً حين اتهمتهم بالفساد وسرقة المال العام والانتهازية والتزوير، فهذه "الانكليزية" ارتكبت جرماً أشد وأبشع من كل ما فعله جمال الكربولي وعائلته، فقد عجزت عن ترشيد الاستهلاك الحكومي في بلاد يعتقد المواطن المغلوب على أمره ان توزيع رواتب الموظفين والمتقاعدين يعد انجازا تاريخيا، وأن أبطال "التغيير" يصرون على جعلنا جزءاً من الأحداث على طريقة مسلسلات الواقع، وليذكروا الناس أن لا خيار أمامهم سوى التسمّر أمام شاشات التلفزيون، لمتابعة مقاطع كوميدية، وحوار لا يخلو من طائفية مقيتة.
في مرّات كثيرة تبدو الكتابة عن تجارب الشعوب، أهم وأنفع للقارئ من أخبار الاحزاب السياسية في العراق والتي تريد ان تدخل موسوعة "غينيس"، ولافتات العشائر التي لا تريد أن تغادر عصر الزعماء، ولهذا وجدت أن أخباراً مثيرة عن شعوب حية، أحرى بالكتابة.
يكتب الاكاديمي الاقتصادي عماد عبد اللطيف سالم "من السهلِ أن تضحكَ في العراق، إذا كنت وزيراً.. ومن السَهلِ عليكَ، إذا لم تكن وزيراً.. مواصلة البكاء".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram