TOP

جريدة المدى > سياسية > تحول استراتيجي في علاقات الطاقة بين بغداد وأنقرة بعد نصف قرن

تحول استراتيجي في علاقات الطاقة بين بغداد وأنقرة بعد نصف قرن

أنبوب على خط النار. . أردوغان يعلن نهاية اتفاق "كركوك - جيهان"

نشر في: 22 يوليو, 2025: 12:53 ص

متابعة / المدى
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنهاء الاتفاق النفطي الموقع مع العراق منذ عام 1973، والذي يخص خط أنابيب تصدير النفط الخام من حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي، في خطوة اعتُبرت تحولاً استراتيجياً في ملف الطاقة بين البلدين بعد أكثر من خمسة عقود من العمل المتواصل.
ويأتي الإعلان التركي في وقت لا تزال فيه الذاكرة العراقية مثقلة بالخسائر والتحديات التي واجهها الخط، ولا سيما من حيث الأضرار الاقتصادية الكبيرة الناتجة عن الهجمات وأعمال التخريب بين عامي 2004 و2015، والتي تسببت بفقدان ملايين البراميل من صادرات النفط العراقي.
وتُفتح المرحلة المقبلة على مفاوضات محتملة لرسم ملامح جديدة للتعاون بين بغداد وأنقرة في ملفات الطاقة، في ظل أحاديث متزايدة عن تحولات في طرق تصدير النفط ومشاريع الموانئ والممرات الاستراتيجية.
هجمات متكررة وتوقفات أمنية
منذ إعادة تشغيله في مطلع الألفية، واجه خط كركوك - جيهان سلسلة من الهجمات المسلحة التي استهدفت بنيته التحتية، وتركزت بين عامي 2004 و 2015 في مناطق شمال العراق، خصوصاً في محافظتي نينوى وكركوك. وتشير التقارير إلى أن الخط تعرّض خلال تلك الفترة لأكثر من 20 هجوماً، تسببت بتوقفه المتكرر عن تصدير النفط، أحياناً لأسابيع متتالية.
بلغت ذروة هذه الهجمات مع صعود تنظيم داعش في عام 2014، حيث عمد التنظيم إلى تفجير أجزاء من الخط ومحطات الضخ، ما أدى إلى توقفه الكامل من الجانب العراقي لفترة طويلة. واضطرت بغداد حينها إلى الاعتماد على خطوط بديلة عبر إقليم كوردستان.
وفي منتصف 2014، توقفت صادرات نفط كركوك رسمياً عبر الخط، واستمر التوقف الأمني حتى عام 2016، حيث بدأت جهود إعادة تشغيله جزئياً.
وفي المقابل، اعتمد إقليم كوردستان على خط جيهان بشكل متزايد بعد توقف الخط الرسمي، واستمر في استخدامه بين 2014 و2017، قبل أن يتجه لتطوير خطوط بديلة، في محاولة لتقليل الاعتماد على خط كركوك - جيهان نتيجة التوترات السياسية والأمنية.
وتُظهر هذه التداخلات في فترات الاستخدام والتوقف حالة عدم الاستقرار التي تعيشها صادرات النفط من شمال العراق، والضغوط التي فرضتها البيئة الأمنية والسياسية على تدفق النفط نحو الأسواق العالمية عبر تركيا.
ويعتمد خط كركوك - جيهان على عدة محطات رئيسية لضخ النفط وتأمين ضغطه الفني، أبرزها: IT-1، IT-2، عين الجحش، وفيشخابور، وغالباً ما كانت هذه المحطات أهدافاً مباشرة للهجمات التي سعت لتعطيل تدفق النفط.
كلف مالية وخسائر للإقليم
اضطر إقليم كوردستان، عقب توقف الخط الرسمي، إلى استخدام خط كركوك - جيهان لتصدير نفطه، رغم مروره بمناطق متنازع عليها. وكشفت تقارير رسمية ودراسات نفطية أن الإقليم كان يدفع سنوياً ما بين 50 و70 مليون دولار كرسوم نقل إلى شركات تركية تدير وتشغّل الخط.
وتكبد الإقليم أيضاً خسائر تقدر بأكثر من 300 مليون دولار بين عامي 2014 و2015، بسبب توقفات متكررة نتيجة الهجمات على المحطات والأنابيب، ما تسبب بفقدان ملايين البراميل من النفط الخام.
وعلى المستوى السياسي، ساهم اعتماد الإقليم على الخط في توتير العلاقة مع الحكومة الاتحادية، التي كانت ترفض تصدير النفط من دون العودة إلى القنوات الرسمية، ما دفع أربيل إلى تطوير خطوط خاصة بها.
الخط جاهز تقنياً.. لكن الاتفاق أُلغي
في المقابل، أكد مصدر في شركة نفط الشمال أن الخط أصبح اليوم جاهزاً للعمل، بعد إجراء عمليات إصلاح شاملة واختبارات ضخ ثلاثية للتأكد من جاهزيته الفنية وسلامة بنيته التحتية.
وأشار المصدر إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهود إعادة تفعيل الخط بعد سنوات من التوقف، والتركيز على تقليل المخاطر الأمنية والفنية التي عطلت استمراريته سابقاً.
الخبير في العلاقات الاقتصادية، حسن يوسف، رأى أن قرار تركيا بإنهاء الاتفاق يأتي في سياق تحرك مدروس لتعزيز موقعها التفاوضي، واستخدام ملف الطاقة كورقة ضغط استراتيجية في علاقاتها مع بغداد وأربيل.
وأوضح يوسف أن أنقرة تسعى لإعادة بناء علاقاتها الاقتصادية مع العراق على أسس جديدة، تُراعي مصالحها في التنوع بمصادر الطاقة وتحسين شروط التبادل التجاري، لاسيما في ظل التغيرات السياسية والإقليمية التي جعلت الاتفاق السابق عبئاً على مصالحها.
وأضاف أن هذه الخطوة تتجاوز الجانب الفني، وتحمل أبعاداً سياسية واقتصادية، إذ قد تدفع العراق إلى تقديم تنازلات أو فتح الباب أمام شركات تركية للدخول في مشاريع نفطية وبنى تحتية كبرى، تعزز النفوذ الاقتصادي التركي.
كما أشار إلى أن إعادة صياغة العلاقات الاقتصادية بين الجانبين قد تشمل زيادة التعاون في مجالات الطاقة والنقل والبنية التحتية، مع ضرورة حوار استراتيجي لتجنب التأثيرات السلبية على قطاع النفط العراقي.
اتفاقية جديدة بمضامين محدثة
من جانبه، أوضح الخبير النفطي علي عبد الله أن إنهاء الاتفاق يعكس رغبة تركيا في التخلص من التزامات تاريخية تُقيّد حركتها التفاوضية، خاصة بعد النزاع القضائي مع العراق أمام محكمة التحكيم الدولية بشأن خط كركوك - جيهان.
وبيّن عبد الله أن القرار التركي لا يعني بالضرورة توقف تصدير النفط عبر جيهان مستقبلاً، لكنه يفرض إعادة التفاوض على أسس جديدة، تأخذ بعين الاعتبار مشاريع العراق الاستراتيجية، ومنها "خط التنمية"، وسعي تركيا لتعزيز موقعها كممر إقليمي رئيسي للطاقة.
أما الخبير حمزة الجواهري، فاعتبر أن التصدير عبر جيهان غير مربح للحكومة الاتحادية، إذ يكلف أكثر من 6 دولارات للبرميل الواحد كأجور نقل، تذهب لشركات تركية، في حين أن التصدير من موانئ الجنوب لا يكلف سوى 60 سنتا للبرميل، ولدى العراق فائض يُقدّر بمليون برميل يومياً ضمن التزامه باتفاق "أوبك".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أرنولد: فخور باللاعبين وكأس العرب بطولة رائعة

المنتخب العراقي يودع بطولة كأس العرب من الدور ربع النهائي

الأنواء الجوية تحذر من ضباب كثيف غداً السبت قد يسبب انعدام الرؤية

وزير خارجية لبنان: تحذيرات عربية ودولية من عملية إسرائيلية واسعة

(المدى) تنشر تشكيلة العراق أمام الأردن في كأس العرب

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لأول مرة بعد الانتخابات…
سياسية

لأول مرة بعد الانتخابات… "الإطار" يتسلّم "قائمة مرشّقة" لمرشحي رئاسة الحكومة

بغداد/ تميم الحسن للمرة الأولى منذ قرابة شهر، يتلقى "الإطار التنسيقي" قائمة شبه نهائية بأسماء المرشحين لمنصب رئيس الحكومة المقبلة. ورغم هذا التطور، لا تزال الافتراضات بشأن موعد حسم مرشح رئاسة الوزراء غامضة، مع...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram