اسم الكتاب: غير طبيعي   المؤلف: فيليب بول ترجمة: هاجر العاني عندما حل أوان مكافأة جائزة نوبل في تشرين الأول/2010 كان موعد استحقاقها قد فات منذ فترة طويلة، وفي حينها كان هناك ما يساوي اكثر من ثلاثة عقود من الدليل المتزايد على تعزيز ادعاء رجلين بريطانيين، وكان حوالي 4 ملايين شخص –
ليس بينهم من يبلغ اكثر من الـ 33- عبارة عن برهان حي على عملهما الرائد في تطوير تقنية التخصيب بالأنابيب، ومن المحزن للطبيب النسائي والجراح د. باتريك ستيبتو الذي توفي عام 1988 ان نوبل لا يتم منحها بعد وفاته، لذا كان المتسلم الوحيد هو عالم الفسلجة البروفسور روبرت ادواردز الذي في سن الـ 85 كان أسقم من السفر الى ستوكهولم لأخذ الجائزة شخصياً. ومنذ ولادة لويس براون في الخامس عشر من حزيران/ 1978 ساعد التخصيب بالأنابيب ومنح الأمل لبعض من الـ 10% من كل الأزواج حول العالم والذين كانوا يعانون العقم، ورغم ذلك فـإن ولادة "اول طفل انابيب اختبار" في مستشفى اولدهام العمومي أثارت الكثيرين لكونهم نتاج تدخل غير طبيعي من قبــَـل علماء في تكوين بشر، ولوجوب رد ادواردز الاتهامات مراراً وتكراراً بأنه كان يلعب دور الله.اشتكى ادواردز ذات مرة بأن رد الفعل العام المبكر على هذا التخصيب كانت تحدده أوهام الرعب والكارثة وتخيلات رجال ذوي معاطف بيض متحجري القلوب يستولدون أجنة في المختبر ويربـّـونها ليولــِّــدوا وحوشاً جينية كفرانكشتاين". وفيليب بول، الذي تحرى في (الحشد الحاسم) (حدث يجمع راكبي الدراجات في آخر جمعة من كل شهر في أكثر من 300 مدينة حول العالم) كيف يؤدي شيء إلى آخر، يشير في آخر كتبه (غير طبيعي) إلى انه على نحو تقليدي تكون النهاية "الطبيعية" للجنس هي الإنجاب ما دام الأخير يتطلب الأول، ومع ذلك يجادل بول بأن الاعتراضات الدينية على التخصيب بالأنابيب تستند الى هذا الافتراض، بل بالعكس حيث ان البداية الطبيعية للانجاب هي الجنس – ليس الجنس بمصطلح التقاء الحيمن بالبويضة بل بالمعنى التشريحي، لذلك فـإن اهتمام بول هو في استكشاف ما يكمن ما بعد طريقة "هذه النتفة تدخل هنا"، والنتيجة هي تاريخ ثقافي مدهش ورائع من علم الإنسان – قرون من الأساطير والحكايات عن خلق الأشخاص الاصطناعي. ويبحث بول ما تفشيه هذه الخرافات بشأن وجهات النظر المعاصرة عن الحياة والبشرية والتكنولوجيا، بينما حوّل العلم الحديث خيال  صنع الأشخاص الى حقيقة، ومن اقزام كيمياويي القرون الوسطى وتمثال الأسطورة اليهودية الطيني (في الأسطورة اليهودية: شكل بشري طيني خيالي تدب فيه الحياة بتعويذة سحرية) الى وحش فرانكشتاين والرُضــَّـع الموجودين في جرار العالم الجديد الشجاع لهاكسلي (رواية لالدوس هاكسلي صدرت عام 1931).يحتل بول موقعاً بعيداً وعريضاً ليبين بأن الفكرة القائلة بأن صنع الحياة إما أمر استعلائي أو "غير طبيعي" هي فكرة جديدة نسبياً. والى فترة حركة التنوير الفلسفية (في القرن الثامن عشر) كان مفترضاً بشكل واسع النطاق انه من الممكن صنع أشكال متدنية من الحياة، فعلى سبيل المثال ان عملية تسمى بوغونيا كان يتم فيها خلق نحل باستخدام هياكل الثيران النافقة تم تقبلها (العملية) كحقيقة واقعة، ولكن في القرن التاسع عشر فقط تم أخيراً التكذيب بأن "التولــُّـد التلقائي" – الاعتقاد بأن الحياة يمكن ان تنبجس من مادة خامدة دون الحاجة الى البذور او البيوض او الوالدين – ويوضح بول بأنه إذا لم تكن هناك أية شكوك بشأن تطبيقات كهذه فـإن تلك الشكوك كانت بشأن جودة "الحياة الاصطناعية" وميزتها – هل كانت دون المستوى ام مساوية لـ "الحياة الطبيعية" أم أفضل منها؟ وأقصى عمل "غير طبيعي" هو الخلق الاصطناعي للبشر، ما دام يتحدى الإيمان الراسخ بأن الله فضلنا، ومع ذلك يبني حجة مقنعة عندما يلمــِّــح بأن رد فعل ذهن القرون الوسطى تجاه فكرة الحياة البشرية الاصطناعية كانت مختلفة جداً عن الرعب الذي تولـِّـده الآن بشكل نموذجي، وذلك يبين بأن مشاعر الاشمئزاز بخصوص هذه المخلوقات "غير الطبيعية" ليست حتمية. والكلمة البادئة "غير" تم لصقها بالأفعال التي كانت تــُـعتـبــَـر مستحقة الشجب لأنها كانت (contra naturam) ضد الطبيعة، ومع ذلك لم ير الناس في العصور الوسطى أمراً خاطئاً بشكل فعلي في خلق البشر وأشكال أخرى من الحياة، والمشكلة بالنسبة لهم كانت – كما قال الباحث المسلم في القرن الثاني عشر ابن رشد بأن الكائنات الحية المصنوعة بالصنعة كانوا كمثل ذهب كيمياويي القرون الوسطى – نوعاً من الأشياء المزيفة، وبالمختصر ان اي خلق "غير طبيعي" كان يفتقر الى روح. والشكوك حول إمكانية ان يكون لدى شخص اصطناعي روحاً ما تزال معنا ولو انه يسبب تشوشاً ذهنياً عصرياً، والشخص المختلــَّـق هو جنس بشري أصيل مرفوض، حيث يــُـعتــَـقــَـد أنه يكون بلا روح.. اي الافتقار الى الحب والدفء والشعور الإنساني، ونفس هذا العيب يـُـلصـَق الآن بالنـُـسـَـخ البشرية – تناسخ القرن الواحد وال