واسط / جبار بجاي
لليوم السابع على التوالي، ما تزال فاجعة «هايبر ماركت الكورنيش» بمدينة الكوت تتفاعل على كل المستويات، من دون أن يهدأ بال عوائل الضحايا وأقاربهم وأصدقائهم وعشائرهم، ما لم يروا نتائج حقيقية تُنصفهم وتُلقي بالمقصرين خلف القضبان، مهما كانت عناوينهم وانتماءاتهم.
وعلى الرغم من إعلان نتائج اللجنة المُشكّلة من قبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وهي اللجنة الأهم من بين اللجان الخمس التي عملت وما تزال تعمل، والتي كانت من بين توصياتها إحالة محافظ واسط محمد جميل المياحي إلى التحقيق، يرى البعض أن القضية دخلت في مرحلة التسويف، ولن يتغير شيء ربما سوى عقوبات تطال موظفين صغار.
في المقابل، بدأت الاحتجاجات تتسع في المدينة، وتوسعت التظاهرات لتكون الكوت على صفيح ساخن كل ليلة، خاصة مع اشتراك عوائل الشهداء وعشائر البعض منهم في مقدمة الاحتجاجات، التي استقرت على مطلب واحد يتعلق بإقالة المحافظ.
يأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات متلفزة للمحافظ في إحدى القنوات الفضائية، والتي أقسم خلالها مراراً بتقديم استقالته فوراً لو طُلب منه ذلك من قبل ذوي الشهداء، حتى جاء الرد سريعاً، وفي أثناء التظاهرات الليلية، على لسان والد أحد ضحايا الحريق، والذي اختير ممثلاً عن عوائل الشهداء، ليطالبه بالاستقالة علناً، وكرر ذلك أمام المتظاهرين، داعياً المحافظ إلى تقديم استقالته من أجل حفظ حقوق الضحايا.
ومع تصاعد التوترات في المدينة، وانشغال مواقع التواصل الاجتماعي بالفاجعة والحيثيات الأخرى، يخشى مراقبون أن تتحول القضية إلى سجالات سياسية ودعايات انتخابية وفرصة مناسبة للتسقيط بين الخصوم، فتذهب حقوق الضحايا مثلما زُهقت أرواحهم نتيجة الفساد والإهمال. يقول الناشط المدني إياد العايدي: «منذ سبعة أيام ونحن نعيش هول المصيبة والفاجعة التي خسرنا فيها أشخاصاً أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم أرادوا شيئاً من الهدوء والراحة بعيداً عن المنزل، والعودة متبضعين احتياجاتهم، لذلك ينبغي أن تكون هناك قرارات شجاعة بمستوى الحدث».
وأضاف: «ما نخشاه أن يتم تسويف القضية وتغدو النهايات سائبة كما حال القضايا الأخرى السابقة التي لم نسمع بمحاسبة مسؤول واحد على الأقل، لذلك فإن الجميع مطالب بالوقوف مع الضحايا بانتظار ما تسفر عنه التحقيقات، وكلنا ثقة بالقضاء». ودعا عوائل شهداء فاجعة هايبر ماركت الكورنيش في الكوت إلى تنظيم أنفسهم بعيداً عن فوضى التظاهرات وكثرة المطالب، وربما دخول البعض فيها لحرفها عن مسارها، وذلك من خلال تشكيل لجنة من ذوي الضحايا حصراً، تحمل تخويلاً من جميع أقرانهم وتحديد مطالبهم، وإذا كان من بينها طلب إقالة المحافظ، ليُواجهوه مباشرة في مكتبه وأمام وسائل الإعلام وإبلاغه بذلك.
ويقول محمد كطوف، أحد مواطني مدينة الكوت: «قلوبنا تعتصر ألماً جراء ما حصل، وكلنا مع عوائل الشهداء، لكن ما نخشاه أن يتم ركوب التظاهرات من قبل مجاميع سبق لها أن كانت بارزة ومهيمنة في تظاهرات تشرين، لكنها مع مرور الزمن حصل الكثير منها على التعيينات والعقود، والبعض حصل على مقاولات، فنسى التظاهرات وأصبح من المنتفعين. لا نريد أن يتصدر هذا النموذج التظاهرات المطالبة بحقوق شهداء فاجعة الكوت».
ويقول في حديثه لـ«المدى»: «مؤسف جداً أن تتحول الدماء الزكية وتلك الأرواح الطاهرة، والتي من بينها أطفال بعمر الورود، إلى سجالات سياسية وغايات وأهداف نفعية وتسقيط هذا وذاك من أجل الكسب السياسي، بعيداً عن الأجساد المتفحمة».
مؤكداً أن «الجميع ينتظر نتائج التحقيق والقرار النهائي، والذي لا بد أن يكون منصفاً للشهداء وعوائلهم، وفي الوقت نفسه يكيل الحساب بالقانون لكل المقصرين والمتهاونين والمسؤولين عن الفاجعة، مهما كانوا، ومهما كانت انتماءاتهم السياسية والعشائرية ودرجاتهم الوظيفية ومسؤولياتهم».










