الكتاب: سيرة حياة مارك توينالمؤلف: سامويل كليمنزترجمة: عبد الخالق علي كان سامويل كليمنز يروّج لنفسه،و حتى بعد تقاعده من إلقاء المحاضرات فإن هذا الرجل العجوز كان يحب ان يتزين بملابس مارك توين،ببدلته البيضاء الجديدة و يتجول صباح الأحد في الجادة الخامسة وقت خروج المصلين من الكنائس،و يرى الرؤوس تلتفت اليه
و هي مذهولة لدى مرور أجمل شاربين في أميركا،فيرفع قبعته للسيدات.كان المقصود من سيرة السيد توين ان تكون آخر جولة و ان تخلق الترقب و الانتظار و تجعل المبيعات أفضل.أخبر سام الجميع بأنه يكتب سيرة تحتوي على مواد متفجرة تتطلب حظرا لمئة عام.انتهى ذلك القرن،الآن ها هو المجلد الأول من " النسخة الكاملة المعتمدة،لا شيء محذوف منها حتى الفضائح التي تنتزع تنهدات الرجال و دموع النساء.لا يسمح لمن هم دون السابعة قراءة هذا الكتاب تحت أي ظرف كان ".هذا الأمر جعل سام على أخبار الصفحات الأولى عند نشر المجلدات الثلاثة من "سيرة حياة مارك توين" في الربيع الماضي.تحية لسامويل كليمنز الذي ما زال قادراً على جذب الاهتمام العام بعد قرن من وفاته.بدايات وهمية متنوعة،حكايات كانت ممتعة في وقت ما،مسودة مقالة عن جان دارك،موجز عن رحلة المصير المنحوس للسفينة الشراعية (هورنيت) التي انتهت في هاواي عام 1866،قطعة من الكلمات الألمانية المركبة،حكاية طبية على الحدود،مقاطع أنيقة من المحاضرات،مقدار لا بأس به من تهنئة النفس،تقرير مفصل عن الشهادة التي أدلى بها هنري روجرز في دعوى قضائية في بوسطن،قصاصات صحف،مقتبسات من كتابات ابنته سوزي عن أبيها " دائما يمشي في الغرفة جيئة و ذهابا و هو يفكر بين وجبات الطعام "،مذكرات عن منهجه في كتابة سيرة الحياة " سأتحدث عن مسألة تهمني حالياً،ثم ألقيها جانبا و أتحدث عن شيء آخر بعد ان ينتهي اهتمامي بها ". خلط مقصود،ذكريات رويل غريدلي و زملاء آخرين في هانيبال،القليل الذي يمكن اعتباره من الفضائح. أوليفيا كليمنز،زوجته،كانت شابة و تعرفه جيداً.ميزته القوية هي عبثه الصبياني و همته العالية و استهانته الخبيثة بالمقدسات.هنا سام كليمنز في سن الرابعة عشرة يرقص عاريا في الغرفة و هو لا يعلم بأن الفتيات يراقبنه من وراء ستار – يقول انه لم يكن يعلم،فلماذا لا تصدقونه؟.قصة جيم وولف الذي يتسلق السطح نصف عار لإسكات القطط،و سام الذي يحتال على أمه لتضع يدها في جيب سترته الذي وضع فيه فأراً ميتاً.دخل مارك توين الحياة في سن مبكرة.يبدو صوته واضحا عندما بلغ سامويل كليمنز السابعة عشرة و ذهب الى نيويورك و كتب لأمه:" أمي العزيزة.. ستندهشين بلا شك و تغضبين لدى تسلمك هذه الرسالة،لتجديني بعيداً عن البيت لكن يجب أن تحتملي معي لأنك تعرفين بأني أفضل ابنائك و ربما تتذكرين كيف كان الناس يقولون لأبنائهم " لا تقتدوا بأفعال اوريون و هنري كليمنز بل قلّدوا سام ".حصل على سكن في شارع (دوان) قرب برودواي و على عمل في ورشة لصف حروف الطباعة قرب ايست ريفر.بقي في المدينة لمدة شهرين و كتب للعائلة عن سوق الفواكه و عن الرجال المتوحشين في بورنيو المعروضة تماثيلهم في متحف بارنوم في برودواي و عن القصر البلوري في شارع 24،و لأنه كان يعرف ان رسائله ستظهر على صفحات صحيفة هانيبال التي يمتلكها أخوه اوريون،فقد حافظ الفتى على أسلوب متميز نعرف منه انه أسلوب توين " لقد تولعت بمكان شنيع و كلما كنت أنوي المغادرة أؤجل ذلك ليوم آخر.من الصعب علي ان أترك نيويورك بالسهولة التي تركت بها هانيبال،لكن رغم ذلك سأغادرها يوم الثلاثاء ".هذا الأسلوب يجعله يبدو جديداً،ودوداً بعد قرن من الزمان.هذا ما يجب أن يقتبسه أشخاص مارك توين " الملابس تصنع الإنسان،العراة لا نفوذ لهم في المجتمع.الرجل الذي يحمل قطة من ذيلها يتعلم شيئا لا يمكن ان يتعلمه بأي أسلوب آخر ".متى ما شق طريقه في " السيرة " فإنك تشعر بالسعادة من أجله،فمثلا يكتب عن مدينة فيرجينيا عام 1863:" ضمنت مكانا في طاحونة بلور،لنخل الرمل بمجرفة طويلة الذراع،إني اكره هذه المجرفة،لم أتعلم أبداً كيف اقلبها بشكل صحيح،و لم يكن الرمل يصل الى المنخل بأية طريقة أخرى.. كان الرمل ينتثر على و داخل ظهري و ملابسي.. كان أكثر الأعمال كرها عندي لكنه يمنحني عشرة دولارات في الأسبوع و مكانا للسكن.كان السكن يستحق ذلك،انه يشمل ليس فقط اللحم و البازلاء و الخبز و الدبس،بل أيضاً التفاح المجفف كل يوم في الأسبوع.لكن هذه الحياة المترفة كان يجب ان تنتهي لسببين ؛ من جانبي لم أكن أطيق العمل الشاق،و من جانب الشركة فأنها لم تجد مبررا كي تدفع لي مقابل نثر الرمل على رأسي.لذا فقد صرفوني في الوقت الذي كنت فيه على وشك الاستقالة.يسير القارئ على الأرض المتربة القاسية لذكريات رجل مشهور،و ينشرح صدره عندما يصل الى مجرى مائي بالصدفة.الرجل المشهور في برلين،ينادم الارستقراطيين على العشاء في منزل السفير و يلتقي بالكونت:" كان هذا الرجل النبيل ينحدر من أصل عريق ذائع الصيت.بالطبع كنت أريد كشف حقيقتي بأن لي بعض الأجداد أيضا،لكني لم أشأ ان أسحبهم من آذانهم من القبور "
تربة قاسية لذكريات توين
نشر في: 7 مارس, 2011: 04:32 م