السليمانية / سوزان طاهر
بعد أكثر من 80 يوماً، صُرفت أخيراً رواتب شهر أيار، لتتنفس الحياة مجدداً في مدن الإقليم، التي غلب على طابع أسواقها الركود الاقتصادي، وشبه الشلل التام في مفاصل الحياة. وكان مجلس الوزراء، قد صادق في جلسة استثنائية برئاسة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، على اتفاق شامل مع حكومة إقليم كردستان بشأن إدارة ملف النفط والإيرادات غير النفطية وتوطين رواتب الموظفين. ويمثل هذا الاتفاق خطوة أولى نحو إعادة بناء الثقة بين المركز والإقليم بعد سنوات من الخلافات السياسية والاقتصادية، فبينما اشترطت بغداد التزامات مالية ونفطية واضحة، حصلت أربيل، في المقابل، على وعد بتمويل منتظم لرواتب الموظفين، بعد أن ضمنت بغداد إشرافها الكامل على صادرات نفط الإقليم.
ويمتد الاتفاق لعام كامل إلى حين إقرار موازنة عام 2026، ويتضمّن التزامات متبادلة، أبرزها: النفط، حيث “تلتزم حكومة الإقليم بتسليم 230 ألف برميل يومياً إلى شركة تسويق النفط الوطنية (سومو)، إضافة إلى 50 ألف برميل للاستهلاك المحلي. مقابل ذلك، تدفع وزارة المالية الاتحادية 16 دولاراً عن كل برميل يُسوَّق، نقداً أو عيناً، وفق تعديل قانون الموازنة”. وبعد صرف رواتب أيار، يكثر الحديث في إقليم كردستان عن صرف رواتب شهر حزيران والأشهر الأخرى، وهل ستستمر عملية الصرف، أم تتوقف عند هذا الحد؟
الالتزام بالاتفاق
بهذا الصدد، يؤكد عضو اللجنة المالية النيابية، سوران عمر، أن عملية صرف رواتب الأشهر المقبلة في إقليم كردستان تعتمد على مدى التزام حكومة الإقليم بالاتفاق المبرم مؤخراً. وبيّن خلال حديثه لـ”المدى” أنه “في حال استمرت حكومة الإقليم بالالتزام وسلّمت 120 مليار دينار من الإيرادات الداخلية، وسلّمت النفط وفق الاتفاق الأخير، فإن بغداد ستطلق الرواتب في موعدها دون تأخير”. وأضاف أن “الرواتب مؤمَّنة، رغم نقص السيولة المالية، ولكن بغداد لا تستطيع الاستمرار في تمويل الرواتب للإقليم دون الالتزام بتسليم الإيرادات الداخلية وكميات النفط المطلوبة”. وقد عاش المواطنون في إقليم كردستان سلسلة أزمات متوالية طوال الأعوام الماضية نتيجة عدم وجود اتفاق يقضي بالاستمرار بصرف الرواتب، فيما تشهد مدن السليمانية وحلبجة إضرابات وتعطلاً في الدوام في المدارس والمؤسسات الحكومية. وبموجب قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات 2023 – 2025، خُصّصت لإقليم كردستان نسبة 12.67% من إجمالي الإنفاق العام، مقابل التزامه بتسليم 400 ألف برميل نفط يومياً إلى شركة التسويق الوطنية “سومو”، بالإضافة إلى تحويل الإيرادات غير النفطية، التي تشمل الضرائب والجباية والرسوم الجمركية المحلية.
زيارة لوفد اتحادي
وحول موعد صرف رواتب شهر حزيران، يقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفا محمد كريم، إن وفداً من الحكومة الاتحادية سيزور مدينة أربيل خلال اليومين المقبلين.
ولفت خلال حديثه لـ”المدى” إلى أن “الوفد سيُجري جولة تفقدية للحقول النفطية، ومتابعة سير عودة العمل بها، بعد الضربات التي تعرضت لها من المسيرات والصواريخ في الأيام الماضية”. وأشار إلى أن “الوفد سيعطي تقييماً عن الأضرار وموعد استئناف تصدير النفط بشكل كامل، ليُحدد بعدها موعد تصدير النفط”. وأردف أنه “لا توجد مشكلة في عملية صرف رواتب شهر حزيران، حيث تم إرسال القوائم من قبل وزارة المالية في حكومة الإقليم، ومن المحتمل أن تُصرف الرواتب بعد التدقيق خلال أيام”. ولا تزال أزمة الرواتب في إقليم كردستان تُلقي بظلالها الثقيلة على نحو مليون موظف ينتظرون شهرياً وصول مستحقاتهم في مواعيد غير منتظمة، وسط حالة من الترقب والتوتر العام. ويتخذ الخلاف بين أربيل وبغداد، حول قطع الأخيرة تمويل رواتب موظفي الإقليم، أبعاداً سياسية واقتصادية معقدة، وسط خلافات متراكمة، أبرزها ملف النفط والاتفاقيات الثنائية مع شركات أمريكية، بحسب مختصين. ومن المقرر أن تعقد المحكمة الاتحادية جلسة خاصة يوم الاثنين الموافق 28 من شهر تموز الحالي، للنظر في الشكوى المقدَّمة من قبل موظفين ونواب في الإقليم ضد وزيرة المالية، طيف سامي، للمطالبة بصرف رواتب الموظفين باستمرار ووفق جداول محددة.
الضغوط الأمريكية
من جهة أخرى، يشير الخبير في الشأن الاقتصادي، فرمان حسين، إلى أنه لا توجد مشكلة في صرف رواتب شهر حزيران، خاصة بعد الضغوط الأمريكية التي مارستها وزارة الخارجية في الولايات المتحدة على كل من بغداد وأربيل.
وشدّد خلال حديثه لـ”المدى” على أن “مشكلة الرواتب تم حلها، والحقول النفطية ستُعاود الإنتاج بشكل طبيعي خلال فترة أقصاها 30 يوماً، كما أن حكومة الإقليم سترسل مبلغ 120 مليار دينار من الإيرادات الداخلية وتحولها إلى حساب بغداد خلال اليومين المقبلين”.
وتابع أن “من المحتمل صرف رواتب شهر حزيران نهاية الأسبوع الحالي، وبعدها تُصرف رواتب تموز والأشهر المقبلة تباعاً، ودون أي مشاكل”.










