متابعة / المدى

تتسارع وتيرة التصعيد في قطاع غزة، مع تحذيرات فلسطينية من خطوات إسرائيلية نحو ضم تدريجي لأجزاء من القطاع، بالتزامن مع تفاقم كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء القصف والحصار. أرقام الضحايا ترتفع، والمجاعة تمتد، فيما تصف الأمم المتحدة الوضع بـ«الأسوأ في هذا القرن».
ضم تدريجي
قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس الثلاثاء، إن إسرائيل تمضي نحو «الضم التدريجي» لقطاع غزة، محذرة من أن هذا المسار يندرج ضمن ما وصفته بـ«مؤامرة تهجير قسري» تستهدف سكان القطاع، ويمثل تهديداً مباشراً لفرصة إقامة دولة فلسطينية على الأرض. وجاء في بيان الوزارة أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) ناقش هذا السيناريو كجزء من صفقة داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، وذلك بعدما كشفت صحيفة «هآرتس» أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يخطط لاقتراح خطة لضم أراضٍ من غزة بهدف إقناع وزير المالية اليميني بتسلئيل سموتريتش بعدم الانسحاب من الحكومة. وتشير الخطة، بحسب الصحيفة، إلى أن إسرائيل ستمنح حركة «حماس» مهلة قصيرة للموافقة على وقف إطلاق النار، وفي حال رفضها، ستباشر بتنفيذ خطوات ضم داخل القطاع.

أكثر من 60 ألف قتيل
في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن حصيلة الضحايا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، بلغت أكثر من 60 ألف قتيل، إلى جانب نحو 146 ألف مصاب، فيما لا تزال أعداد كبيرة من القتلى تحت الأنقاض أو على الطرقات دون إمكانية انتشالهم بسبب استمرار العمليات العسكرية.
وأضافت الوزارة أن التصعيد الأخير منذ منتصف مارس أدى إلى مقتل نحو 9 آلاف فلسطيني وإصابة أكثر من 33 ألفاً آخرين، مشيرة إلى أن عدد قتلى المساعدات فقط – أي من سقطوا أثناء محاولاتهم الحصول على الطعام – تجاوز 1170 شخصاً.
ورغم إعلان إسرائيل عن «تعليق تكتيكي» يومي لبعض ساعات النهار للسماح بدخول المساعدات، فإن حجم تلك المساعدات لا يرقى إلى الحد الأدنى المطلوب، في ظل انهيار البنية التحتية الصحية واستهداف طرق الإمداد الأساسية.

تحذيرات أممية من مجاعة “لا مثيل لها”
وصفت الأمم المتحدة الوضع في غزة بأنه «أسوأ سيناريو مجاعة» يشهده العالم في هذا القرن، مشيرة إلى أنه يذكر بكوارث القرن العشرين في إثيوبيا وبيافرا. وقال روس سميث، مدير الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي، إن ما يحدث في غزة لا يشبه أي أزمة إنسانية معاصرة، داعياً إلى تحرك عاجل وفوري.
وأكد تقرير «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي» الصادر عن وكالات أممية، أن عمليات الإغاثة الجوية لن تكون كافية لوقف المجاعة، وأن الحل الوحيد هو إدخال المساعدات برّاً وبشكل مستمر.
وأشار التقرير إلى أن «ثلث سكان غزة لا يأكلون لأيام»، وأن 470 ألف فلسطيني معرضون لمجاعة كارثية. كما تم رصد إصابة أكثر من 20 ألف طفل بسوء تغذية حاد منذ أبريل، بينهم 3 آلاف في حالة حرجة.
ووفقاً للتقرير، فإن المجاعة باتت منتشرة فعلياً في معظم مناطق القطاع، وسط ارتفاع الوفيات بين الأطفال، في ظل غياب نظام صحي قادر على الاستجابة، وتعطيل شبه كامل لشبكات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قال في كلمة عبر الفيديو لمنظمة العفو الدولية، إن الوضع في غزة لا يُعد فقط أزمة إنسانية بل «أزمة أخلاقية تشكل تحدياً للضمير العالمي»، مستنكراً ما وصفه بـ«اللامبالاة والتقاعس» من جانب المجتمع الدولي تجاه ما يتعرض له الفلسطينيون من تجويع وقصف وحرمان.
وانتقد غوتيريش الانتهاكات المستمرة التي تُمارس تحت مبرر الحرب، مؤكدًا أن العالم يقف أمام لحظة فاصلة تتطلب موقفًا حاسمًا لوقف الانهيار الإنساني في القطاع.