واسط / جبار بجاي
يواجه مجلس محافظة واسط موجة انتقادات شعبية وسخرية واسعة على خلفية قراره منح قطع أراضٍ لذوي ضحايا حريق «هايبر ماركت الكوت» واستملاك موقع الحادث لإقامة نصب تذكاري، وسط تشكيك قانوني وشعبي بشرعية القرارات وجدواها في ظل مطالبات بمحاسبة المقصرين.
أراضٍ خارج الضوابط
صوّت مجلس محافظة واسط في جلسته الاعتيادية، الثلاثاء الماضي، على قرارين يتعلقان بحادثة «هايبر ماركت الكوت» التي راح ضحيتها أكثر من 60 شخصاً من النساء والأطفال والرجال. القرار الأول يقضي بتخصيص قطع أراضٍ سكنية مميزة لكل ضحية، تُمنح خارج الضوابط الرسمية، مع إلزام بلدية الكوت باتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة لضمان منحها في مناطق مناسبة. أما القرار الثاني، فيتعلق باستملاك الأرض المشيّد عليها مبنى الهايبر ماركت من قبل بلدية الكوت، تمهيدًا لإقامة نصب تذكاري بعد استكمال نتائج التحقيق. القرار الأخير واجه انتقادات واسعة، حيث إن الأرض المشيدة عليها البناية تعد ملكًا شخصيًا لأحد المواطنين، وهو نفسه فقد زوجته ونجله الذي كان يدير المتجر. وأكد منتقدون أن من غير الممكن قانونيًا أو أخلاقيًا إجبار المالك على بيع ملكه، خاصة أنه قادر ماليًا على إقامة نصب تذكاري دون الحاجة إلى بيع الأرض.
رفض شعبي وسخرية من القرارات
يقول المواطن حسنين فالح درويش إن «ما نفع قطعة الأرض لعائلة قضى كل أفرادها في الحادث؟»، معتبراً أن «القرارات لا تعدو كونها محاولة للضحك على الناس». وأكد أن «الملك خاص ولا يمكن إجبار المالك على البيع، ومنحة العشرة ملايين دينار من رئيس الوزراء لا توازي الأرواح التي أُزهقت جراء الفساد والإهمال».
من جهته، أعرب يحيى العتابي، مدرس متقاعد فقد خمسة من أقاربه، عن استغرابه من القرار، متسائلًا: «كيف تشترون أرضًا يملكها من فقد أسرته؟ هل ستجبرونه على بيعها؟». وأضاف أن «التبرع أو البيع يجب أن يكون طوعيًا، وإلا فهو ضغط غير مبرر».
ويرى سلام حسين إبراهيم، المدير السابق لدائرة الشباب والرياضة في واسط، أن «القرار غير صحيح، لأن البناية ملك خاص، ولا يمكن فرض بيعها». ودعا إلى ترك خيار تحويل الموقع إلى متحف بيد المالك، بالتنسيق مع الجهات المعنية، كما هو الحال في دول عديدة حيث تتحول بعض المنازل إلى معالم دون تدخل حكومي. أما رحيم حسين، فحذر من هدم المبنى، مؤكدًا أن «هدمه سيكون خطأً استراتيجيًا يمحو آثار الفاجعة»، موضحًا أن «الموقع هو الشاهد الوحيد على حادثة هزت البلاد». واقترح إنشاء نصب تذكاري ومكتبة توثق سيرة الضحايا وتفاصيل الحدث بالتفاهم مع المالك.
واندلع الحريق مساء 16 تموز داخل بناية «هايبر ماركت الكوت» المؤلفة من خمسة طوابق، بالتزامن مع ساعة الذروة، ما أدى إلى سقوط 61 ضحية عراقية، إضافة إلى عامل سوري ومدبرة منزل أجنبية، ضمنهم عائلة مكوّنة من سبعة أفراد. وبحسب الشهادات، فإن الحريق بدأ بسيطاً ويمكن احتواؤه، إلا أن ضعف تجهيزات الدفاع المدني حال دون السيطرة عليه، ما أدى إلى تفاقم المأساة.










