علي إبراهـيم الدليمي
على ضوء شموع وخشوع الإبتهالات، في الذكرى الثامنة لرحيل الفنان التشكيلي كامل حسين، استعرضت عائلته إرثه الفني الغني بالإبداع. وقد أُقيم هذا الاستذكار في مرسمه الخاص، الذي ظل مضيئاً رغم رحيله.
تخلل الإستذكار قراءات متعمقة للوحاته ضمن مفاهيم فكرية وفنية متجددة، بهدف تسليط الضوء على تأثيره الخالد في المشهد الفني. كما يسلطه على الجانب الفني المتأصل للعائلة.. فزوجته، الشاعرة ليلى عبد الأمير، فنانة تشكيلية مستمرة في عطائها، وكذلك ابنته الرسامة تيسير. أما ابنه أنمار، فهو شاعر ومحب للرسم، مما يؤكد استمرارية الإبداع في هذه العائلة.
يواصل جميع الأفراد حضورهم ومشاركاتهم الفاعلة في الأنشطة الفنية والثقافية، ليس فقط في بغداد، بل في عدد من المحافظات العراقية، ليؤكدوا بذلك أن إرث كامل حسين الفني لا يزال حيا وينبض بالإبداع من خلال أفراد عائلته.
في بيت الفنان: حيث تتشكل الحياة من الفن
يحدّثنا الشاعر أنمار، نجل الفنان كامل حسين، مسترجعا ذكرياته: "منذ اللحظات الأولى التي تفتحت فيها عيناي على الحياة، كانت لوحات فنية تزيّن كل جدران بيتنا، وتتوهج الألوان ببريقها في كل زاوية. كانت رائحة المذيبات والألوان تملأ الهواء، بينما كانت أنغام الموسيقى السمفونية والأوبرالية تصدح بهيبة ووقار في فناء الدار.
وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية القاسية التي عشناها، فإن إرادة الفنان القوية للمضي قدما في منهجه اليومي، متحديا كل الظروف القاهرة، خلقت حياة خاصة بلا تكلف أو تصنع أو مبالغة.
لم يكن هذا إلا لمواجهة شظف العيش، ومحاولة خلق واقع افتراضي متنعّم، وصناعة نمط حياة مختلف تمامًا عن الواقع الذي كان ينبغي أن يكون.
لم يمر يوم دون أن يكون الفنان يرسم، يقرأ، ويستمع إلى الموسيقى".
تُجسد أعمال الفنان كامل حسين فلسفته العميقة للّون في اللوحة المعاصرة، وطريقته في معالجة التلقي البصري عبر ثيمات إنسانية عميقة. يأخذنا في رحلة فنية استثنائية، مؤكداً لي في حديث خاص، أن كل ما قدّمه هو ثمرة "طفل في السادسة من عمره، لا يزال يعيش بداخلي منذ طفولتي وحتى هذه اللحظة".
لقد سعى الفنان إلى بث هذا الإحساس الطفولي على قماش لوحاته، التي كانت بمثابة نوافذ ملونة أطل منها إلى عالم يحتفي بالموسيقى... ولكن هذه المرة بالبصر وليس بالسمع.
ولد الفنان كامل حسين في محافظة البصرة عام 1952، وتخرج من كلية الفنون الجميلة عام 1977. كرّس 27 عاما من حياته للتدريس في معهد الفنون الجميلة ببغداد. وكان أيضا شاعرا وناقدا تشكيليا، ونشر العديد من نشاطاته الأدبية في الصحف والمجلات العراقية. تفرغ في سنواته الأخيرة للعمل الفني في مشغله الخاص ببغداد.










