بغداد / جنان السراي
تشهد محافظة صلاح الدين ارتفاعًا مقلقًا في حالات الغرق، مع تحوّل نهر دجلة إلى وجهة شبه وحيدة أمام أطفال وشباب القرى والأرياف للهروب من موجات الحر الشديدة التي تضرب البلاد كل صيف، وسط غياب شبه تام لوسائل السلامة ومراكز الإنقاذ، ما جعل النهر يتحوّل إلى «مصيدة موت» تبتلع ضحايا جدداً كل عام، بحسب شهادات ناشطين وأهالٍ.
وبحسب إحصائيات صدرت مؤخرًا عن مديرية الدفاع المدني، فقد بلغ عدد حالات الغرق في العراق خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025 أكثر من 250 حالة، تركزت في المحافظات الوسطى والجنوبية، وفي مقدمتها صلاح الدين والبصرة وواسط، حيث تكثر المناطق غير المؤمنة على ضفاف الأنهر والمجاري المائية.
تقصير حكومي وبدائل معدومة
الناشط المدني عدنان الزناجحة وصف الظاهرة بـ«الكارثة الموسمية» التي تتكرر كل صيف دون تدخل فعّال من الجهات المعنية، مضيفًا في تصريح لـ«المدى» أن غرق الأطفال ليس قدرًا محتومًا، بل نتيجة مباشرة لتقصير الدولة في تأمين الأماكن العامة ومراقبة سلوكيات الترفيه العشوائية.
وأوضح الزناجحة أن كثيرًا من الضحايا من الأطفال والمراهقين لا يجيدون السباحة، وينجرفون لمجاراة أقرانهم أو تقليد ما يرونه على وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل غياب تام لأي نوع من التثقيف الوقائي أو المتابعة الأسرية.
وأضاف: «نحن أمام فشل مزدوج؛ الأول في البنية التحتية الترفيهية، والثاني في الثقافة المجتمعية المرتبطة بالسلامة. لا مسابح عامة، ولا أماكن مخصصة، ولا برامج إنقاذ. أغلب مناطق الأرياف بلا أي مرفق آمن يتيح للأطفال الترفيه دون مخاطر».
نقاط خطر معروفة.. بلا تدخل
الناشط حيدر عدنان من جانبه أشار إلى أن المشكلة لا تتوقف على غياب المسابح فحسب، بل تمتد إلى غياب أبسط وسائل السلامة مثل إشارات التحذير وسترات النجاة والرقابة المجتمعية، مؤكدًا أن كثيرًا من أماكن الغرق سبق أن سُجّلت فيها حوادث مماثلة في السنوات الماضية دون أن يتم اتخاذ أي إجراء وقائي.
وقال للمدى: «نحن نواجه مشاهد مكررة، بنفس المواقع، وبنفس الأسباب، لكن بلا أي تغيير يُذكر. لا توجد خطط موسمية أو تعليمات واضحة، ولا يوجد تنسيق بين المؤسسات الحكومية المحلية والدفاع المدني أو وزارة التربية لتثقيف الأطفال أو إطلاق حملات توعية».
الأهالي بين الخطر والاضطرار
ومن داخل إحدى ضواحي تكريت، قال أحد الأهالي إن غياب البدائل يدفع الأطفال والشباب إلى التوجه لنهر دجلة رغم معرفة العائلات بالمخاطر، موضحًا أن المنطقة لا تضم أي مسابح نظيفة أو ساحات مائية عامة أو أماكن ترفيهية آمنة، ما يجعل من النهر الخيار الوحيد رغم ارتفاع معدلات الغرق سنويًا.
وأضاف: «نعيش كل يوم بقلق دائم. نعلم أن النهر خطير، لكن لا يمكن منع الأولاد من السباحة عندما لا يوجد بديل. ندفع الثمن كل صيف، ونفقد شبابًا وأطفالًا دون أن يتحرك أحد لإنقاذ أرواحهم».
صلاح الدين تتصدّر ضحايا الغرق.. ونهر دجلة يتحوّل إلى فخّ قاتل

نشر في: 3 أغسطس, 2025: 12:12 ص









