متابعة / المدى
حذّر تقرير بريطاني من تداعيات المواجهة بين إيران وإسرائيل على الاقتصاد العراقي، مشيرًا إلى أن الأزمة كشفت بوضوح هشاشة البنية المالية في بغداد، وضعف البنية التحتية الخاصة بتصدير النفط، وسط تساؤلات عن مدى استعداد الحكومة العراقية لمواجهة الصدمات الخارجية والتقلبات الإقليمية.
وأفاد التقرير الصادر عن موقع «أمواج» البريطاني، وترجمته «المدى»، أن الحكومة العراقية شعرت خلال تصاعد النزاع بين طهران وتل أبيب بمزيج من القلق والارتياح، إذ تسبّب ارتفاع أسعار النفط بارتياح مالي مؤقت، في وقت يُهدد فيه أي تصعيد محتمل بإغلاق مضيق هرمز، الذي تمرّ عبره أكثر من 90% من صادرات العراق النفطية، ما يعني أن الارتفاع السعري لا يكفي لحماية الاقتصاد العراقي من تداعيات حرب إقليمية شاملة.
عجز ثلاثي
التقرير سلط الضوء على غياب الخطط الطارئة في العراق، وتكرر انكشافه أمام الصراعات الإقليمية، مشيرًا إلى أن وقف إطلاق النار بتاريخ 24 حزيران لم يُلغِ التهديدات الهيكلية التي كشفتها الحرب الأخيرة، حيث لا تزال بغداد تعتمد بشكل شبه كلي على صادرات النفط، دون خطوات ملموسة لتنويع الإيرادات.
ووفقًا للتقرير، فإن حكومة محمد شياع السوداني لم تقدّم جداول موازناتها الثلاثية (2023–2025) إلى البرلمان، رغم التحديات الاقتصادية، متوقعًا أن تسجل هذه الموازنة عجزًا سنويًا يقدّر بـ64 تريليون دينار (نحو 48 مليار دولار)، في ظل تراجع أسعار النفط، وارتفاع فاتورة الرواتب التي تشمل أكثر من 4 ملايين موظف حكومي.
وأشار التقرير إلى خطوة غير مسبوقة اتخذتها الحكومة الاتحادية، تمثّلت في السماح لوزارة المالية بسحب أموال من صناديق الضرائب غير المطالب بها، وهي ودائع مؤقتة عائدة لأفراد وشركات، وتحويلها إلى حساب خاص بإدارة الهيئة العامة للضرائب، بشرط ألا يتجاوز عمر الوديعة خمس سنوات، واصفًا هذه الخطوة بأنها مؤشر على عمق الأزمة المالية.
تعطيل التنمية
حذّر التقرير من أن استمرار الضغط المالي قد يدفع العراق إلى العودة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، في خطوة اعتبرها تراجعية ومُقلقة، موضحًا أن السياسات المالية الحالية تُفاقم الضغوط وتعطّل مشاريع التنمية، وتؤخر توزيع المخصصات على المحافظات، في ظل اختلالات تتجاوز الطابع السياسي إلى بُنية الاقتصاد ذاته.
ومن بين أبرز هذه الاختلالات، أورد التقرير سوء تخصيص الموارد، وجمود القطاع الخاص، وتسييس الأدوات الاقتصادية، حيث تستخدم بغداد السياسة المالية كأداة ضغط في نزاعاتها مع القوى السياسية، وخاصة إقليم كردستان، الذي تتهمه الحكومة بعقد صفقات نفطية غير مصرّح بها وتصدير الخام من دون تنسيق.
خيارات تصديرية هشّة
التقرير نبّه إلى أن العراق لا يمتلك بدائل فاعلة لتصدير نفطه، فمحاولات الاعتماد على النقل البري أثبتت أنها باهظة الكلفة، وغير موثوقة، ولم تُحقق بغداد أي تقدم يُذكر في تطوير منافذ تصدير جديدة، رغم الإعلان عن مشاريع طموحة.
وأوضح أن العراق يخطط لزيادة الإنتاج النفطي إلى أكثر من 6 ملايين برميل يوميًا بحلول 2029، إلا أن قدراته التصديرية تعاني من تأخّر خطير، مستعرضًا تعثر مشاريع استراتيجية مثل خط أنابيب البصرة – العقبة بتكلفة 9 مليارات دولار، وخط البصرة – ينبع، وخط كركوك – بانياس، وخط كركوك – جيهان، التي لا تزال جميعها إمّا مجمدة أو متوقفة بسبب خلافات سياسية أو قيود مالية.
التقرير خلص إلى أن العراق لا يزال يهمل القطاعات غير النفطية، رغم التحذيرات الدولية، لا سيما من صندوق النقد الدولي الذي حمّل الاعتماد على النفط ونقص كفاءة الإنفاق والفساد مسؤولية تدهور الوضع المالي.
واعتبر التقرير أن التصعيد الإقليمي الأخير يمثل إنذارًا أخيرًا وليس مجرد حدث عابر، داعيًا بغداد إلى إصلاحات جذرية تشمل مراجعة نظام الرواتب، وتحديث المصارف الحكومية، والاستثمار في البنى التحتية لقطاعي النقل والطاقة، وتشجيع التجارة وتنويع مصادر الدخل.
تقرير بريطاني: العراق في مرمى الإنذار الاقتصادي وحرب إيران وإسرائيل تفضح هشاشة البنية المالية

نشر في: 3 أغسطس, 2025: 12:13 ص









