عرض علاء المفرجي
كتاب (الوحدة.. في وجه الواحد بالمئة) للمؤلفين فاندانا شيفا، وكارتيكي شيفا، الصادر عن دار المدى بترجمة رزان يوسف سلمان، تعبيرٌ عن الأمل، المتجذر في الوحدة، والتي تعني (عالم عائلة واحدة)، نشأنا سابقًا في حركات التحرر، وحررنا أذهاننا وثقافاتنا من استعمار الإمبريالية وسلاسلها، وتخلّصنا من الفئات المصطنعة (لكن المقنَّعة بقناع الطبيعة) للعرق والجنس والطبقة ولون البشرة. ومن خلال إبداعنا وخيالنا، وتضامننا وترابطنا، اليوم المريح إنشاء حركة حريّة للكوكب أجمع، نحطّم فيها الهياكل والجدران التي بنتها أوهام أعضاء الميكانيكيِّ، وآلة المال والديمقراطية. مزيج من المعرفة التقليدية يعتمد على الذكاء الحقيقي. وبمقدورنا استعادة المياه العذبة وخلقها بمساعدة الطبيعة. وبإبداعنا، يمكننا أن نزرع القواعد الحرِّيَّة الحقيقية وديمقراطية الأرض. الآن هي اللحظة المناسبة لنا. هذا هو البعث الحقيقي، النابع من وحدتنا الحقيقية وتلاشي وهم انفصالنا بعضنا عن بعض، والمبنيٌّ على حقيقة أذكائنا الحيِّ الذي عشناه سابقًا، أي متمِد على حقيقة تنظيمنا الذّاتيِّ وإبداعنا وحرِّيَّتنا، وهو ما سيتحقق بشكل صحيح ورائعة على زراعة بذور التنوّع والأمل والرحمة والتَّرابط ومستقبلنا المشترَك.
يقول المؤلفان أنه في لقاء مع عالِم توماس ستيفن هوكينج، في مايو "إن البشرية تواجه أزمة بقاء... وهي شديدة لدرجة أن المئة عام القادمة ستشهد إمّا انقراض الجنس البشريِّ، أو هروبه من كوكب الأرض واستعمار كواكب أخرى".
إن فكرة انتهاك حدود كواكب أخرى لغزوها تالياً بعد تدمير كوكب الأرض، فكرة هروب واستعمار جديد، لا تخدم إلّا في تعزيز الوهم بأن تطور البشر وتقدمهم يسيران خطياً فحسب، بانفصال عن الأرض، بدلا من التوحد معها والاعتراف بأنها وطننا، ومأوانا الوحيد؛ وأن الأزمة التي نحن فيها الآن، هي في الواقع نتيجة لاستعمار الأرض واستعباد الثقافات المتنوعة ولغياب المساءلة والمحاسبة عن الدمار الناجم عن الاستعمار.
إن الهروب هو الذي أدّى إلى الاستعمار في الماضي. كذلك اليوم، يقود منطقة السّلطة والاحتلال بطريقة استعمار كآخر. سيسيل رودس، الذي كان رئيس الوزراء في زيمبابوي (روديسا سابقًا)، أعلن رسميًا: يجب أن نجد الأراضيَ الجديدة وتمسنى لنا الحصول بسهولة على الموادِّ. البكرِّ، وفي الوقت نفسه نتيجة الانقلاب على العبيد الرخصة من السكان الأصليين للمستعمرات. ستوفِّر المستعمرات. قد تتغيَّر الادوات الاستخراجية والمستعمَرات، لكن الاستعمار لم يتغيَّر؛ غيرهم على أملاك الآخرين، وسرقتها، والادعاء بملكيَّتها، وإرغام المالكين الأصليين على دفع أجرة اعتماد، تحويلهم إلى عمالة عبيد المنتجة لا استخراج المواد الخامّ، وليكونوا سوقاً لتناول الصنجاعيَّة متعدد الثقافات. مع ذلك، نرى اليوم هذا الشَّكل من الاستعمار يصل إلى حدوده القصوى. إذًا، لن تبقى هناك حاجة للعبيد، أو العمال المستغَلِّين، الذين يشترون الخردة. وأنتجوا ملابسهم الواحدة - لاحظوا السرعة والمؤشرات الواضحة للتحكم في الحاجة إلى تحديد الفارغ من الأفكار-فحينها ستكون الأرض قد استُنزِفت وتلوَّثت، شهريا إلكترونيات الدَّعامة للحياة قد دُمِّرت، ولا قدرة على الطبيعة على تزايد بالعطاء. ومن ثم، لا البقاء للحياة على الأرض. لكن هناك خيارات خارج ولا انقراض. هناك خيار ثالث، وهو البقاء على قيد الحياة بحفاظنا على الأرض، وبعضنا على بعض، وحياة جديدة على الكوكب مع إنسانيتنا المشتركة. كمجتمع أرضيٍّ واحدٍ، وإنسانية واحدة، ضمانُ تنوُّعنا كلَّه، نسيج أن ننجو معًا، ونبتعد عن حافِزَةِ هاويةِ الإبادة الجماعية والبيئية التي تتسبب بها شخص واحد؛ وزن السَّير إلى الحياة الحُرَّة، والفكر الحُرِّ، والنفْس الحُرِّ، والعام الحُرِّ.
الوحدة.. في وجه الواحد بالمئة.. تعبيرٌ عن الأمل، المتجذر في الوحدة

نشر في: 4 أغسطس, 2025: 12:01 ص









