TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > (المدى).. الصحيفة والمشروع

(المدى).. الصحيفة والمشروع

نشر في: 5 أغسطس, 2025: 12:05 ص

حسن الجنابي

هل مثّل انطلاق صحيفة "المدى" من بغداد مغامرة صحفية وليدة تلك اللحظة الفارقة من تاريخ العراق، بعد سقوط تمثال ساحة الفردوس؟
أعتقد إن الإجابة بنعم تنطبق على الغالبية العظمى من الصحف دون "المدى". فالمدى مثلت امتداداً لمشروع سبق تاريخ نشرها كصحيفة يومية بسنوات طويلة. وقد عرف عن صاحبها، الأستاذ فخري كريم، أنه خاض غمار المواجهة ببسالة نادرة في ظروف أكثر قسوة وانحساراً، وفي فضاء صحفي رسمي هو الأكثر ضيقاً في التاريخ المعاصر. وقد أحدث معادلاً نوعياً، بل بديلاً راقياً للنشر، تجاوز الحدود الوطنية الأكثر قمعاً، الى الجغرافية العربية، إذ فتح أفقاً واسعاً ليسارها المقموع والمشتت في ظل متغيرات دولية أطاحت بمسلمات ثابتة.
كان إطلاق "النهج" مجلةً فصلية لليسار العربي، بمثابة صياغة جديدة للمواجهة، ليس لليسار فحسب بل للطيف السياسي والاجتماعي المجاور، المنكفئ ربما لكنه غير العاجز تماماً، أو غير المنخرط بمشروع الهزيمة الأبدية للشعوب الحالمة بالاستقلال والعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية.
لقد أعادت "النهج" توجيه البوصلة النضالية، ونهضت بالإرادة المتراجعة تحت القمع والحروب وهزائم الأنظمة الرسمية، وارتقت بشروط المواجهة مع الاستبداد والتخلف والقمع. كانت مشروعاً نهضوياً أمام هزائم متلاحقة.
ثم ارتقى الأداء وتوسع ليشمل مساحات الإبداع بمجلة "المدى" الشهرية المخصصة للثقافة والفنون والآداب، والتي فتحت صفحاتها الأنيقة للمبدعين بكل مشاربهم فصارت منصةً للتجارب المتقدمة والناهضة، وملاذاً للمواهب الواعدة، فأحدثت تصدعاً كبيراً في جدران القمع الحجرية الرسمية المتخصصة بملاحقة الأفكار.
ثم جاءت "المدى" اليومية، ومن بغداد هذه المرة، استكمالاً للمشروع نفسه، لتلاحق الأحداث ولتسهم في الحفاظ على شرف الكلمة والموقف ورصانة المشروع الوطني. ولتواجه بلا كلل تغوّل الفساد، وتقف بصمود لافت بوجه محاولات العودة بالمجتمع العراقي الى أوضاع ما قبل الدولة، ونشر الخرافة وتجميل القبح والترويج للانتماءات الثانوية كبديل للانتماء الوطني، وإلغاء المكتسبات القانونية المتحققة وغيرها الكثير.
يحق لصحيفة المدى وهي تطوي عاماً إضافياً من تاريخها المشرف، أن تفخر بمنجزها وصمودها ومرونتها في الانسجام مع التحول الرقمي، وبتوسيع مساحة نشاطها في النشر وإقامة المعارض الفنية التي تعنى بتحويل الكتاب، والثقافة عموماً، الى معطىً يومي في حياة المواطنين.
اشد على أيدي العاملين في المدى، الحريصين على إبقائها منصةً شامخةً للأفكار والكتابات الرصينة، وتجسيداً للإرادة الوطنية وقيم التقدم والتمدن بما يحقق المصالح الوطنية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram