TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: المدى وتأسيس التقاليد

قناطر: المدى وتأسيس التقاليد

نشر في: 5 أغسطس, 2025: 12:06 ص

طالب عبد العزيز

لا يندرجُ الحديثُ عن الذكرى السنوية لتأسيس جريدة المدى تحت عنوان المديح، والتقييم الشخصيّ أو الاحتفاء، إنما يندرج تحت عنوان عريض هو(التقاليد الصحفية)ولا نجانبُ الصواب إذا قلنا بأنّها الجريدة الوحيدة التي تعمل على إرساء التقاليد تلك، وترسيخها، في بلاد ظلت تفتقد الى الصفة هذه منذ عقود طويلة، إذْ لم يحدث أنْ احتفظت الدولةُ والأنظمة السياسية المتعاقبة بجريدة ما، لتكون لسان حال المملكة، أو الجمهورية العراقية، على خلاف ما عملت عليه بلدان عربية كثيرة، تلك التي جعلت من إحدى المؤسسات الصحفية والإعلامية جزءاً من هويتها الوطنية، ودالة شعبها، وهنا يمكننا الإشارة الى أكثر من أنموذج عربي: كمؤسسة وجريدة الأهرام المصرية، أو النهار اللبنانية، أو القبس الكويتية وغيرها.
مع أنَّ جريدة المدى لا تمتُّ بصلة ما لأيِّ جريدة أو وسيلة إعلامية رسمية أو سياسية أخرى، فهي بتوصيفها الأول مؤسسة مستقلة، إلا أنَّها تُستعاد بصورة أو بأخرى في ذاكرة القارئ العراقي بوصفها الامتداد للصحف اليسارية، التي كانت تصدر بالعراق، في ستينات وسبعينات القرن الماضي، كإتحاد الشعب وطريق الشعب والفكر الجديد ومجلة الثقافة الجديدة وغيرها، لكنها تفترق عنها بعدم حزبيتها منذ صدور العدد الأول منها في 5/8/2003 وهكذا ستكون باستقلاليتها هذه في مواجهة الاحداث التي أعقبت إحتلال العراق، والتصدي لأداء الحكومات المتعاقبة، حيث حرصت على أن يكون العراق مستقلاً، وخارج التحالفات الدولية، ويتمتع مواطنوه بالقدر المستحق من الديمقراطية والعيش الكريم، وقد سجلت موقفاً مشرفاً في نشرها الوثائق السرية أو ما عرف بكوبونات النفط، المعمول بها في زمن النظام السابق، وكشفها الجهات والشخصيات العراقية العربية والعالمية، التي ساهمت في استمرار حكم صدام حسين ومن ثم الحاق أفدح الاضرار بالاقتصاد والانسان العراقي.
شخصياً كنتُ قد عملتُ في أكثر من صحيفة ومؤسسة إعلامية بعد العام 2003 لكنني لم أوقّع عقداً رسمياً وقانونيا مع واحدة منها، ولم يطلب مني ذلك. هناك عمل مرتجل، لا يستند الى قاعدة قانونية، فيما كنت ومنذ أن عملت ككاتب في جريدة المدى قد وقعت عقد عمل، بشروط معلومة بين الطرفين، كذلك حال الكتب التي تطبع وتنشرها دار المدى فهي تنفرد ايضاً عن معظم دور النشر بأنها لا تنشر كتاباً دون عقد مبرم بين الكاتب والناشر، وهذا ما نقصده في قولنا بأن المدى تعمل على ترسيخ قيم صحفية تريد من خلالها أن تبقى المؤسسة الرائدة في العراق.
باستطاعة أيِّ مجموعة تمتلك المال والتصور الاعلامي أن تُصدر صحيفةً، لكنها ستقع بين فكي النجاح والفشل، ذلك لأنّها لم تعمل بموجب القواعد المعمول بها في كبريات الصحف والمؤسسات الإعلامية العاليمة. هناك قاعدة في الصحافة الامريكية تقول: "على من يريد إصدار صحيفة أن يضحّي بعشر سنوات من العمل المضني أولاً ثم ينظر الى نجاحه" نحتفل بذكرى تأسيس جريدة المدى لأننا نشعر بأهمية القيم والتقاليد التي تبنتها، المؤسسةُ المدرسة، التي تشرفتْ بالكوكبة الكبيرة من الكتاب والشعراء والصحفيين الذين عملوا فيها منذ تأسيسها الاول، ويطيب لنا أنْ ننحني مُكْبرين جهدَهم، من غادر منهم، ومن بقي، أولئك الافذاذ الذين تركوا بصماتهم على صفحاتها، واصطفوا مخلصين، وموقنين بأنَّ ما بذروه ذات يوم ما زال مثمراً. التحية الصادقة والمخلصة لجريدتنا (المدى) وللعاملين عليها،إدارةً وتحريراً وأقساماً وصفحات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram