بغداد/ تميم الحسن
ملفات ساخنة تناولتها (المدى) في عامها الـ22، عن عودة نشاط «الفصائل» ومحاولة جر البلاد الى الحرب الإقليمية مع اسرائيل، ومهاجمة المنشآت الحيوية في الداخل، ورفض تلك الجماعات دعوات «حصر السلاح»، والضغوط الامريكية ضد «قانون الحشد» .
في عام مضى من عمر الصحيفة سلطت الضوء، على تحركات مقتدى الصدر «زعيم التيار الصدري»، ومقاطعته الانتخابات، ومحاولته البحث عن قائمة سياسية يمكن ان تنفذ شروطه المتعلقة بـ»السلاح» و»مكافحة الفساد».
كما عرضت (المدى) كواليس ترتيبات «قمة بغداد» واعتراض «اجنحة شيعية» على حضور رئيس النظام السوري الجديد، احمد الشرع، ومقاطعة دول خليجية للحدث العربي، واستخدام ماجرى لضرب شعبية محمد السوداني، رئيس الحكومة.
كذلك فتحت ملفات الخلافات العميقة وتضارب المصالح داخل «الإطار التنسيقي» الذي ظهر في أزمة اختيار رئيس البرلمان وتراجع عمل مجلس النواب، ثم انقسام «التحالف الشيعي» في خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة.
الخروج عن «الهدنة»
صمدت «هدنة» غير معلنة (بدأت في شباط 2024) بين ما يسمى بـ»محور المقاومة» العراقية - وهي في الغالب 3 او 4 فصائل اذا لا يوجد رقم دقيق لعدد تلك الجماعات- والقوات الامريكية، بعد سلسلة اغتيالات نفذتها واشنطن مطلع العام الماضي، ضد قيادات «فصائل» في بغداد وكركوك ومدن اخرى، لكن ما جرى في لبنان في خريف ذلك العام غير المعادلة.
قتلت اسرائيل حسن نصرالله، أمين عام حزب الله في لبنان، أواخر ايلول 2024، وفي ذلك الشهر أعلنت بغداد أن «التحالف الدولي» سيغادر البلاد في غضون العامين المقبلين – ستحدث بعد ذلك تغيرات دراماتيكية في سوريا ويتراجع قادة شيعة عن طلب رحيل القوات الامريكية- بحسب سلسلة تقارير نشرتها «المدى».
ولم يحظَ الإعلان وقتذاك بانتباه العراقيين المشغولين بالأحداث التي تصاعدت بعد مقتل إسماعيل هنية، زعيم «حماس»، بهجوم في طهران بتموز 2024.
عادت الفصائل، وفق ما أظهرته التقارير «المدى» حينها، لتصعّد «خطاب المقاومة» ضد إسرائيل بعد مقتل حسن نصرالله، وحددت إسرائيل، وفق التسريبات، «بنك أهداف» في العراق، وكادت الحرب أن تشتعل في تشرين الثاني 2024، ثم تجددت التهديدات في الاشهر اللاحقة.
منعت الولايات المتحدة الحرب، بحسب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وقدمت بغداد تعهدات بـ»لجم الفصائل»، ونشرت قوات خاصة على الأرض لمنع إطلاق الصواريخ على المصالح الغربية في البلاد.
تدخل السيد علي السيستاني، المرجع الديني الأعلى، لأول مرة بعد خطابات أحداث تشرين 2019، وطالب بـ»حصر السلاح» – سيعود بعد اشهر قليلة ليجد طلبه- على لسان ممثل الأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، الذي زار النجف مرتين خلال شهر.
وكان السيستاني قد أوقف في خطاب سابق تورط العراق في الأحداث اللبنانية، وحصر التفاعل مع تلك الأزمة بالجوانب الإنسانية والدبلوماسية.
استهدف مجهولون «قاعدة عين الاسد»، كما كشف عن ذلك في تقارير خاصة لـ(المدى)، التي تضم قوات امريكية غرب الانبار، ثم «مطار بغداد» بين شهري آب وتشرين الاول 2024، وفتح الحكومة تحقيق بالحوادث.
وفي تشرين الثاني 2024، قالت القيادة العسكرية بأن الأجواء العراقية «ليست مؤمنة بالكامل» لكنها تعمل على ذلك – ستحدث خروقات هائلة بعد ذلك للاجواء العراقية خلال ماعرف بحرب الـ»12 يوم» بين ايران واسرائيل في تموز 2025-
وبدأت مايسمى بـ»جبهات المقاومة الإسلامية» بإعطاء اشارات إلى احتمال التصعيد من «الجبهة العراقية»، وفق ما كتبته تقارير «المدى».
وهاجمت إيران قبل ذلك بشهر، بقرابة 200 صاروخ فرط صوتي، إسرائيل، لأهداف قالت إنها «عسكرية»، ردا على مقتل «هنية».
وذكرت تقارير أن قاعدة عين الاسد، غربي الانبار، شاركت في اعتراض الصواريخ الايرانية التي أطلقت على إسرائيل، وهو ما اغضب الفصائل، في اتهامات لبغداد ستجدد بعد ذلك.
كانت حينها الجبهة في لبنان تشتعل، وادعى فصيل ضمن ما يعرف بـ»المقاومة العراقية»، وهو «سيد الشهداء» الذي يتزعمه أبو آلاء الولائي في الحكومة أحد زعامات «الإطار التنسيقي الشيعي»، ضمن تقارير صنعتها «المدى» لملاحقة الاحداث المتسارعة، أن لديه «100 ألف مقاتل» جاهز للذهاب إلى لبنان، فيما لم يثبت بعد ذلك ذهاب أي فصيل الى هناك.
ووضعت مجموعة الفصائل في العراق «النفط» كأحد «خيارات المقاومة»، بحسب ما قال في ذلك عباس الزيدي، احد قيادات الحشد الشعبي.
وهدد المسؤول الأمني في كتائب حزب الله، أبو علي العسكري، كما تابعته (المدى)، بتعطيل تصدير ملايين براميل النفط إلى العالم في حال مهاجمة لبنان - وهو تهديد لم ينفذ الا بالداخل بعدما هاجمت ما يعتقد بانها «الفصائل» منشات نفطية في كردستان خلال اخر شهرين-
وقال «العسكري» في تدوينة «إذا بدأت حرب الطاقة سيخسر العالم 12 مليون برميل نفط يومياً، وكما قالت كتائب حزب الله سابقاً أما ينعم الجميع بالخيرات أو يحرم الجميع».
وكان قائد حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي، كشف عن أن تصعيداً قادماً من قبل «المقاومة العراقية».
وبدأت ما يعرف بـ»المقاومة العراقية»، وهو تحالف من عدة فصائل، بتوجيه مسّيرات منذ أحداث «أكتوبر 2023» حرب غزة، اغلبها لم تصب أهدافها، لكنها تطورت بعد ذلك.
وقال النائب المستقل سجاد سالم، ضمن تقارير «المدى» التي لاحقت ردود الافعال، إن «الفصيل المسلح الذي يهدد بحرب الطاقة هل يستطيع تأمين رواتب شهرين فقط إذا توقف تصدير النفط العراقي؟».
وتعتمد موازنة العراق المالية بنحو يزيد عن 90% على مبيعات النفط، في دفع تأمينات الرواتب والتقاعد، وباقي مصروفات الدولة.
وفي تشرين الاول 2024، قال الجيش الإسرائيلي إن طائرة مسيرة من العراق قتلت اثنين من جنوده شمال الجولان.
وكانت ما يعرف بـ»المقاومة الإسلامية في العراق»، أعلنت في ذلك الوقت، ضرب ثلاثة أهداف بعمليات منفصلة داخل «إسرائيل» عبر طائرات مسيرة.
وفي 18 أيلول 2024، ذكر الإعلام العسكري الإسرائيلي «لأول مرة»، أنه اعترض طائرات حربية كانت في «طريقها من العراق».
التحول عراقي وليس سوري !
كتب (المدى) في سلسلة تقارير عن الأوضاع المشتعلة في المنطقة عن «الاختفاء المفاجئ» للفصائل المسلحة التي جرى بظروف غامضة من سوريا قبل وقت قصير من سقوط نظام الأسد أواخر 2024.
انكفأت الفصائل إلى الداخل، وفجّر مستشار لرئيس الحكومة – ابعد بعد ذلك عن المنصب- مفاجأة بالكشف عن «طلب أمريكي» بـ»حل الحشد».
نفت بغداد بعد ذلك الطلب، وسكت زعماء «الإطار التنسيقي» بشكل مريب، لكن الشائعات عن «حل الحشد» ما زالت مستمرة دون إجابات واضحة، خصوصا مع اعتراضات أمريكية مؤخرا، عرضتها (المدى) بخصوص «قانون الحشد».
تراجعت بغداد عن وصف السلطة الجديدة في سوريا بـ»الإرهابية»، وأرسلت مدير المخابرات حميد الشطري، بعد تعيينه بأسبوع واحد للقاء «الجولاني»، حاكم دمشق الجديد.
وصلت من سوريا رسائل عديدة، وبدأت القوى السياسية تتحدث عن إصلاحات وإمكانية بقاء القوات الأمريكية لفترة أطول، كما جاء في تلميحات لرئيس الحكومة الاسبق نوري المالكي، وهو سؤال لم يجب عليه أحد حتى الآن.
بالمقابل، استمر هادي العامري، زعيم منظمة بدر، في رفض التطبيع مع النظام السوري الجديد، وحذر نوري المالكي، زعيم دولة القانون، من تحرك «بعث العراق» في موجة من «التخويف» لما قد يجري بعد سقوط الأسد.
حافظت بغداد على «الحياد» في الازمة السورية مستعينة بـ»خريطة النجف»، بحسب ما ذكرتها (المدى) في مجموعة تقارير، والتي تضمنت الدعم بكل أنواعه الى الجارة الغربية باستثناء «العمل العسكري».
ورفض العامري، والمالكي، وانضم اليهم قيس الخزعلي «زعيم العصائب»، عدم التدخل في احداث سوريا، تحت ذريعة « الخوف من انتقال جغرافية الاحداث الى العراق».
سكتت «الفصائل» والمطبلين للحرب بعد ذلك، وظل «سيناريو» فرار الفصائل المسلحة من سوريا مجهولاً حتى الان، قبل ان تنفجر ازمة جديدة بين ايران واسرائيل في حزيران 2025.
بانتظار اشارة المرشد !
تحولت البطالة المقنعة لـ»الفصائل» المنسحبة من سوريا الى العراق، الى التهديد بالتدخل بالحرب التي سميت بـ»حرب الـ12» بين طهران وتل ابيب، حتى اخر يوم اطلاق نار بين الجبهتين، نهاية حزيران 2025.
شنت «فصائل» هجمات بـ»مسيرات» على مواقع عسكرية عراقية، في ليلة «وقف إطلاق النار»، فيما كانت قد اعلنت تلك الجماعات، بحسب تقارير نشرتها (المدى)، بانها «لن تتدخل بالحرب وتنتظر اشارة المرشد الإيراني» علي خامنئي.
واتهمت «الفصائل» بغداد بانها شاركت عبر «رادارات عسكرية» دمرتها تلك الهجمات، بصد الصواريخ الايرانية المتجهة صوب اسرائيل، وهو اتهام لم يثبت بشكل رسمي.
فتحت الحكومة العراقية تحقيق بـ»هجمات الرادارات»، وظهر بعد ذلك، وفق تقارير «المدى»، بان بغداد تلقت «معلومات غير دقيقة»، عبر جهات تحقيقية، عن هوية المنفذين المجهولين حتى الان.
وقبل ان تجزم بغداد بالمسؤولين عن تلك الحوادث، صارت «المسيرات» تهاجم مواقع نفطية في كردستان- هاجمت حتى الان اكثر من 25 مرة- وتسببت تلك الهجمات في اجلاء شركات اجنبية عاملة بمجال الطاقة هناك، وتقليص إنتاج النفط.
وكالعادة، فتحت بغداد تحقيق اخر بالهجمات –لم تصل لمعلومات نهائية حتى الآن- فيما قال مسؤولون، بان «المهاجمين معروفين لدى الحكومة»، بحسب نائب رئيس البرلمان شاخوان عبدالله.
وقالت تقارير «المدى»، بانه قائمة المتشبه بهم بتلك الهجمات، كان قسم منهم معتقل في زمن وزارة مصطفى الكاظمي السابقة، واطلق سراحهم بسبب ضغوط على الحكومة.
وقت المكاشفة
ووسط بحث الحكومة عن منفذي الهجمات الاخيرة، جاءت لحظة غير متوقعة بتورط فصيل مسلح تابع لـ»الحشد الشعبي» في هجوم بمنطقة السيدية، غربي بغداد، نهاية تموز 2025.
غضبت «كتاب حزب الله» المتهمة بالهجوم، من بيان عسكري حول الحادث، واعتبرته «متسرعا» ووصف الاشتباكات التي أودت بشخصين داخل بناية حكومية، بانه «نيران صديقة» قبل ان تتراجع وتتهم «ضابط منفعل» من داخل دائرة الزراعة، التي جرى فيها الحادث، بانه وراء الاشتباكات.
كتب (المدى) في عدة تقارير عن مافضحته «احداث دائرة الزراعة» في الخلط الذي يجري بين «الفصائل» و»الحشد»، حيث كانت تقارير سابقة تسائلت عن الفرق بين الطرفين، خصوصا وأن كل الجماعات المسلحة موجودة في «هيئة الحشد».
وحتى رئيس الحكومة، حين اعلن في اذار الماضي، فتح حوار مع «فصائل» اعتبرت متمردة على السلطة، لم يكن متأكدا من عدد تلك الجماعات، التي قال بانها «بين 3 او 4 فصائل».
وبحسب تقارير «المدى»، فان هذه الحوارات «لم تنجح» في اخضاع الفصائل الى «هيئة الحشد» وتسليم السلاح، رغم انها جميعها مسجلة في مفوضية الانتخابات وتستعد لاقتراع تشرين القادم.
وأظهرت تقارير «المدى»، تدرج الضغط الأمريكي في منع مؤسسات مالية في تمويل «الحشد»، ثم التحذير من تمرير «قانون الحشد» الذي تنظر اليه واشنطن بانه «ترسيخ للنفوذ الايراني للعراق».
ويبدو، بحسب اخر المعلومات، التي وصلت الى «المدى» بان «القوى الشيعية تراجعت عن تمرير القانون خوفا من غضب أمريكا».
قمة القمح
نشطت «الفصائل» في ملفات سياسية الى جانب التورط في هجمات بالداخل، حيث هددت بمنع مشاركة احمد الشرع، الرئيس السوري، في القمة العربية التي عقدت في أيار الماضي في بغداد، والتي لم يحضرها بعد ذلك.
وحركت «الفصائل» اجنحة سياسية تابعة لها، وفق تقارير نشرتها «المدى»، في توجيه انتقادات لاذعة لرئيس الحكومة محمد السوداني، عن إنفاق «مبالغ خيالية» لتحضيرات القمة، التي لم يحضرها بعد ذلك سوى 4 حكام فعليين.
وكانت هذه الاتهامات تبدو مرتبطة باعلان السوداني في ايار 2025، خوضه منفردا، خارج «الاطار التنسيقي»، الانتخابات البرلمانية التي يفترض ان تجري قبل نهاية العام الحالي.
ولاحقت رئيس الحكومة اتهامات بالجملة على خلفية العلاقة مع النظام السوري الجديد، خصوصا بعد ازمة الصور المسربة والتي اضطرت الحكومة بعد ذلك للاعتراف بها، بحسب ما نقلته تقارير «المدى»، بين السوداني والشرع، في قطر.
وكانت الحكومة قد منحت اطنان «قمح» الى حكومات سوريا، الاردن، ولبنان، مقابل حضور «القمة»، بحسب «اجنحة الفصائل» السياسية، فيما لم يحضر هؤلاء الزعماء للحدث العربي، كما لم يحضر أغلب حكام الخليج.
وسبق هذه الانتقادات، موجة ازمات داخلية اخرى لاحقت الحكومة كشفت (المدى) اجزاء منها، ابرزها قضية «التجسس» التي تورط فيها موظفون يعملون في مكتب رئيس الوزراء بـ»التنصت» على قيادات الصف الأول.
نفى السوداني تلك الأنباء ووصفها بـ»كذبة القرن»، على غرار «سرقة القرن».
وهرب في عام 2024، المتهم الأبرز في سرقة أمانات الضريبة (نحو 4 تريليون دينار)، نور زهير، إلى الخارج قبل أن تصدر ضده أحكام.
كما صدرت أحكام بحق موظفي مكتب السوداني بشأن «التنصت»، فيما ضربت سلسلة من «التسريبات الصوتية» مستشاري رئيس الحكومة.
أرتبك «الإطار التنسيقي» بعد أنباء «التنصت»، وبدأ الحديث عن «إقالة الحكومة» و»الانتخابات المبكرة».
وقرر المالكي، وسط ذلك، تصعيد مطالبه بتعديل قانون الانتخابات، وهو ما يُفهم منه أنه محاولة للتأثير على شعبية السوداني.
غرق البرلمان
مجلس النواب، وضمن الملف التشريعي الذي لاحقته (المدى)، لم يتحرك حتى الآن بشأن قانون الانتخابات، وما زال المجلس غير قادر على التعافي من أزمة استمرت لنحو عام كامل بسبب غياب رئيسه.
ودخلت القوى السياسية، على إثر ذلك، في تحالفات غير تقليدية؛ تحول الحلفاء إلى أعداء والعكس، لتشكيل حكومتي ديالى وكركوك المحلية واختيار رئيس البرلمان محمد المشهداني.
في تلك الرحلة، أخفق «الإطار التنسيقي» في تمرير قانون الأحوال الشخصية (الشيعي)، قبل ان يشرعه بعد ذلك رغم الاعتراضات، فقرر إغراء السنة بـ»العفو العام»، والكرد بـ»تعويض أراضي كركوك».
وكشفت تقارير «المدى» عن تلكؤ كبير في عمل مجلس النواب منذ انتخاب المشهداني نهاية أيلول 2024، لرئاسة المجلس، حيث لم يستطع ان يعقد سوى اقل من 15 جلسة حتى الان، بسبب عدم تحقق النصاب.
وحصل النواب مقابل ذلك على رواتب كاملة واحتفظوا بكل الامتيازات، واخترعوا «عطلة العبادات» في رمضان الاخير اضافة الحج، واخيرا الانشغال بـ»المواكب الحسينية»، فيما تقدر الرواتب فقط الشهرية 18 مليار دينار.
وأعلن نواب في سلسلة تقارير «المدى» بان «البرلمان مات سريرياً» بسبب قرب الانتخابات، في حين تحاول أطراف في رئاسة المجلس مع تردد عرض «قانون الحشد» الى فصل المتغيبين بعد تطبيق غرامة «قطع مليون دينار» يوميا من راتب النائب مقابل كل يوم غياب.
الانتخابات: انفراط «الإطار»
يعتقد سياسيون، تحدثت معهم (المدى) بخصوص الأحداث السياسية البارزة في عامها الـ22، بان الانتقادات المتلاحقة للحكومة كان جزء منها إعلان السوداني خوض الانتخابات خلافا لـ»تعهد مزعوم» بان لا يرشح رئيس الحكومة للانتخابات او ان يتحالف مع «الاطار التنسيقي».
وفي ايار 2025، فجر السوداني مفاجاة تشكيل تحالف «الاعمار والتنمية»، والذي ضم الى جانبه رئيس الحشد، فالح الفياض، وعدد من الفصائل المسلحة.
وكان بحسب معلومات كشفت عنها (المدى)، ان «يبقى الاطار التنسيقي موحدا بالانتخابات، لكن خروج السوداني غير الاتفاق».
اضطر «الاطار» الى الاعلان عن خوض الانتخابات بـ»قوائم متعددة»، وتقسم الى نحو 12 قائمة، فيما سيطر المالكي على 3 قوائم «اطارية» تحاول الحصول على مقاعد في مدن مختلطة وذات اغلبية سنية.
وبدأ بعد ذلك، وفق مانشرته (المدى)، تنافس 7 قيادات على الاقل، للحصول على «التسلسل الاول» في بغداد، حيث يتنافس السوداني ، والمالكي، والعامري، والحلبوسي، واخرين على «واحد بغداد».
وكشفت (المدى) عن خريطة التحالفات الانتخابية، والتي ظهرت وجود 9 قوائم رئيسية تابعة لـ»الإطار التنسيقي».
يقود نوري المالكي، زعيم «دولة القانون»، تحالفًا رئيسًا تحت نفس الاسم، ويضم 11 كيانًا، إضافة إلى 3 قوائم جانبية.
أبرز المنضوين في تحالف المالكي: «حركة البشائر» برئاسة صهره ياسر صخيل،
إضافة إلى «كتلة منتصرون»، التابعة لزعيم كتائب سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي.
المالكي يقود أيضًا «تحالف صلاح الدين»، تحت اسم جمال محمد جعفر، وهو شقيق القيادي في الدعوة ووزير الرياضة الأسبق جاسم محمد جعفر.
«تحالف صلاح الدين» يضم 7 كيانات؛ أبرزها تيار الحكمة (عمار الحكيم)، حركة سومريون (أحمد الأسدي وزير العمل)،
إضافة إلى منظمة بدر، والمجلس الأعلى، وتحالف العمق (خالد الأسدي – حزب الدعوة تنظيم الداخل).
المالكي كذلك يترأس «تحالف ديالى أولًا»، الذي يضم إلى جانب دولة القانون، تحالف أحمد الأسدي، وتحالف الأساس (محسن المندلاوي – نائب رئيس البرلمان).
وقائمة رابعة يقودها المالكي في الموصل، تحت اسم «تحالف الحدباء الوطني».
وتضم القائمة في نينوى: دولة القانون، تيار الحكمة، والمجلس الأعلى الإسلامي.
ويشارك المجلس الأعلى في الانتخابات بقائمة رئيسية تحمل اسم «أبشر يا عراق»، بزعامة همام حمودي، إلى جانب الفرعية.
وتضم القائمة: عبد الحسين عبطان (تجمع الاقتدار) وزير الرياضة الأسبق، والنائب مصطفى سند (تجمع الأسس الوطني).
كذلك فإن عمار الحكيم يخوض الانتخابات بقائمة رئيسية إلى جانب فرعيتين، وهي «الحكمة».
ويرأس محسن المندلاوي قائمة رئيسية إلى جانب الفرعية، تحمل اسم «تحالف الأساس الوطني»، وتضم 7 كيانات.
أبرز المنضوين في تحالف المندلاوي: نائب رئيس البرلمان، المؤتمر الوطني، وحركة العراق الوطنية، وهي تابعة لـ»كتائب الإمام علي».
ويشارك «تحالف تصميم»، بزعامة النائب عامر الفايز، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، منفردًا بالانتخابات.
ويخوض محافظ واسط، استقال في تموز على خلفية حريق «الهايبر»، محمد المياحي، الانتخابات منفردًا تحت اسم قائمة «تحالف واسط أجمل»، بينما تحالف محافظ كربلاء نصيف الخطابي، مع قائمة رئيس الحكومة «الإعمار والتنمية».
ويُفترض أن تشارك «منظمة بدر» في الانتخابات بقائمة رئيسية تحمل نفس الاسم، وكذلك «العصائب» بزعامة قيس الخزعلي.
واللافت في هذه الانتخابات، تجمع أغلب «الفصائل» في قائمة «تحالف خدمات» بزعامة شبل الزيدي، زعيم كتائب الإمام علي.
تضم القائمة حركة العراق الإسلامية، وهي المظلة السياسية لـ»الكتائب»، إضافة إلى حزب المحافظون.
«المحافظون» يرأسها الشيخ وائل الشمري (قيادي في الحشد)، وادّعى في لقاء متلفز، بأنه كان يتجسس على «غرفة نتنياهو» أثناء الحرب الأخيرة في «غزة».
وتشارك رابعة العبدي، وهي ناشطة نسوية، في التحالف ذاته، بتجمع يحمل اسم «صوت الجماهير».
اما القوائم السُّنية التي كشفت عنها (المدى) ، فيخوض محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، الانتخابات بـ»4 قوائم»، رغم إعلانه النزول منفردًا.
يشارك الحلبوسي بقائمة رئيسية وهي «تقدم»، إلى جانب قوائم فرعية، وهي: «الأنبار هويتنا»، «تحالف قمم» بزعامة وزير الصناعة خالد بتال،
إضافة إلى «تحالف القيادة»، وهو برئاسة وزير التخطيط محمد تميم، و الوزيران الأخيران من المقربين للحلبوسي.
ويواجه الحلبوسي مثنى السامرائي في «تحالف عزم العراق»، الذي انضم إليه هذه المرة أسامة النجيفي (متحدون)، رئيس البرلمان الأسبق.
بالمقابل، يشارك ابن شقيق النجيفي، عبد الله أثيل، في قائمة «الحسم الوطني» التابعة لوزير الدفاع ثابت العباسي.
وتضم هذه القائمة وزيرين سابقين: البيئة قتيبة الجبوري، والكهرباء قاسم الفهداوي، إضافة إلى رئيس حزب الحل جمال الكربولي.
والقائمة السُّنية الأخرى هي «تحالف السيادة» بزعامة السياسي خميس الخنجر.
والرابعة تحمل اسم «تحالف تفوق» برئاسة وزير التربية إبراهيم النامس.
ويظهر في القوائم، مشاركة «التحالف المدني»، و»اتحاد أهل نينوى»، وهو تابع لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إضافة إلى تحالف جديد تحت اسم «شعلة الديوانية»، ويضم 3 كيانات سياسية.
جرعات «الصدر»
بالمقابل يغيب عن الانتخابات لأول مرة منذ 2005، التيار الصدري بسبب إعلان الصدر، زعيم التيار، المقاطعة في نيسان الماضي.
واظهرت سلسلة تقارير «المدى» عن حراك الصدر، ارتباك «الاطار التنسيقي»، ورفضه التواصل مع التحالف الشيعي رغم الرسائل والواسطات التي بعثت له.
وتداولت الأوساط السياسية أحاديث عن أن قرار «الصدر» مقاطعة الانتخابات، جاء بسبب معرفته بـ»حدوث تغييرات» وشيكة في البلاد، لكنه لم يُفصح عنها بشكل علني.
وتساءل الصدر في بيان نشره، في نيسان 2025، حول مقاطعته الانتخابات: «أي فائدة تُرجى من مشاركة الفاسدين، والعراق يعيش أنفاسه الأخيرة بعد هيمنة الخارج وقوى الدولة العميقة على كل مفاصله؟»
وكان الصدر قد قرر مقاطعة الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت نهاية 2023.
وردًّا على الصدر، شدد نوري المالكي، زعيم دولة القانون، على أن البلاد «لن تعود لأيام الانقلابات والمؤامرات».
وفي كلمة مسجلة ألقاها المالكي في نيسان، قال متوجهًا للناخبين: «لا تسمعوا لمن يقول لكم (وماذا إن غبت عن الانتخابات؟)».
وتحدث المالكي عن «خطر يحيط بالانتخابات»، لكنه قال إنه «سيتحدث عنه لاحقًا».
وخلال الفترة التي سبقت إعلان الصدر عن «المقاطعة»، تحدث تقارير «المدى» عن ما وصف بانه «جرعات مرة» سيقدمها زعيم التيار لخصومه في التحالف الشيعي، تتعلق بمواقفه السياسية، التي بدأت أولًا بطلب «تحديث بطاقة الناخب».
وقالت أوساط التيار الصدري ضمن تقارير «المدى»، إن زعيم التيار، المنعزل عن السياسة منذ أكثر من عامين، لا يزال متمسكًا بمشروعه القديم «الأغلبية السياسية».
وكان الصدر قد فشل في عام 2022 في تشكيل «حكومة أغلبية» بعدما أطاح به «الثلث المعطل»، الذي قاده نوري المالكي، زعيم دولة القانون.
والخطة المتوقعة للتيار الصدري، في حال اشترك في الانتخابات، ستكون الأولوية فيها للحصول على «أغلبية صدرية»، حتى لا يضطر إلى التحالف مع «طرف شيعي».
وكان التيار قد حصل في برلمان 2021، قبل أن يقرر الانسحاب في صيف 2022، على 73 مقعدًا عبر قانون «الدوائر المتعددة».
ومنذ انعزال الصدر، بعد اشتباكات مسلحة جرت في آب 2022 على بوابات المنطقة الخضراء بين أنصاره وفصائل في الداخل، بدأ الأخير بعملية «ترميم» لأنصاره.
وفي تموز الماضي، دفع «الصدر»، وفق تقارير نشرتها «المدى» ماعتبر الموجة الثانية من «الجرعات المُرّة» ضد خصومه، ولكن كانت هذه المرة في توقيت شديد الحساسية.
وقدّم الصدر، على ما يبدو، «برنامجاً انتخابياً» مبكراً، أو بالأحرى «شروطاً» يجب أن تتوفر في الجهة التي سيوجه «جمهوره المقاطع» للتصويت لها، في حال قرر تغيير موقفه.
و خلال السنوات الثلاث الماضية، لم يعد خصوم الصدر الشيعة قادرين على توقع ردود أفعاله، خصوصاً مع رفضه الوساطات الداخلية والخارجية للعدول عن «الاعتزال».
وكشف صالح محمد العراقي، المقرب من الصدر، في ذلك الشهر عن اجتماع «مستمر» يُسأل فيه زعيم التيار عن الكتل المرشحة للانتخابات. وكان الصدر قد قرر في وقت سابق عزل أكثر من 30 منتمياً للتيار بسبب دخولهم في قوائم شيعية انتخابية.
وتمضنت «شروط الصدر»؛ حل المليشيات، ومكافحة الفاسد، وهو مطلب يقترب من خطاب المرجعية في حزيران الماضي، الذي طالب بـ»حصر السلاح».
وعقب ذلك كشفت (المدى) عن رسائل شيعية تحول ان «تقنع الصدر» بأنها الكتلة المنشودة طمعا بنحو مليون ناخب يمتلكه التيار الصدري.










