الموصل / سيف الدين العبيدي

في مبادرة هي الأولى من نوعها في مدينة الموصل، أطلق الطبيب البيطري إبراهيم سليمان سلسلة خطوات عملية تهدف إلى توعية المجتمع بأهمية الرفق بالحيوان، بعدما لاحظ ما وصفه بـ«الألم الصامت» الذي تعانيه الحيوانات، خاصة القطط والكلاب، من الإهمال والاعتداءات المتكررة.

وأوضح سليمان في حديثه لـ«المدى» أن معاناة القطط، لا سيما الأمهات منها، في تأمين الغذاء وسط الخوف من البشر والتعرض للأذى، كانت دافعًا لتحركه. وبيّن أنه بدأ بوضع أول محطة لإطعام القطط في المدينة باستخدام مواد بلاستيكية معاد تدويرها، كما وزّع نحو 100 كيس من طعام القطط في الأماكن العامة. كذلك، أنشأ أول مأكلة للطيور في محيط جامع النبي جرجيس، وسيطلق قريبًا حملة توعية من خلال ملصقات في الساحات العامة بالتعاون مع رابطة المحتوى الهادف، تحث على مساعدة القطط وتوضّح كيفية التعامل معها.
وعن ظاهرة الكلاب السائبة، أشار الطبيب البيطري إلى أن الكثير من السكان لا يتقبلون وجودها بسبب الحوادث، لكن التعامل معها لا يجب أن يكون بالإيذاء، بل من خلال برامج تعقيم وتطعيم، وإنشاء ملاجئ أو مناطق مخصصة لهذه الحيوانات، مع نشر الوعي بعدم إطعامها في الأماكن المزدحمة أو قرب المدارس. وشدّد على ضرورة تعليم الناس كيفية التصرف في حال مواجهة كلب ضال، بدلًا من التعامل معه بهلع أو عدوانية.
وأكد أن هذه الكلاب ليست مسؤولة عن وجودها في الشوارع، بل هي نتيجة الإهمال والتكاثر غير المنضبط، وأن الإبادة ليست حلًا، بل ينبغي اعتماد حلول عقلانية تراعي الرحمة والحياة.
وتحدث سليمان عن ازدياد ملموس في عدد العوائل الموصليّة التي بدأت بتربية القطط بعد تحرير المدينة، معتبرًا أن هذا التحوّل مؤشر على تنامي الوعي بقيمة الرحمة والتعايش مع الكائنات الضعيفة، ومؤكدًا أن تربية القطط تزرع لدى الأطفال قيم العطف والمسؤولية وتضفي جوًا من الألفة داخل البيوت.
لكنّه نبّه في الوقت ذاته إلى ظاهرة مؤسفة تمثّلت بتخلي بعض الأشخاص عن حيواناتهم الأليفة، وتركها في الشوارع أو أمام العيادات البيطرية، مشددًا على أن الحيوان ليس لعبة يمكن الاستغناء عنها، بل روح تتعلق بصاحبها وتعتمد على رعايته.
ودعا إلى أن يقترن ازدياد تربية الحيوانات بوعي حقيقي، لا يقتصر على الاقتناء بل يشمل الرعاية والالتزام، مضيفًا أن احترام هذه الكائنات يبدأ من توفير الماء والغذاء إن أمكن، وعدم إيذائها أو التخلي عنها. واختتم الطبيب البيطري حديثه بالقول: «عندما نعامل الحيوان بإنصاف، نبني مجتمعًا أكثر وعيًا ورقيًا، واحترام الحياة بكل أشكالها هو أول خطوة نحو مدينة آمنة ومتزنة للجميع، بشرًا وحيوانًا».