جاسم الحلفي
صدقا ودون أدنى مجاملة، مع أن الاحتفال السنوي بأي مناسبة يستدعي شيئا من المجاملة، أقول إن هذه المقالة، في الوقت الذي لخصت فيه أزمات وعثرات العملية السياسية وتشويه المفاهيم، قدمت أيضا معالجات جذرية، تصدرتها قيمة المواطنة، وأكدت على الحلول التي تضع الإنسان في مركز الاهتمام وتجعل من الكرامة مقياسا للعدل.
هذا التلخيص المكثف للفكر السياسي والممارسة السياسية جاء كدرس في المنهج العلمي، وفي القدرة على الرصد والمعالجة معا.
أما عن "المدى" وهي تؤدي هذا الدور الهام، فإني لا أريد أن أكرر ما ورد في المقالة، لأنه ببساطة يعبر عن قناعاتي ويعكس ما أؤمن به. إنها بالفعل دروس ثمينة في الصحافة الشجاعة، وفي أقلام كتابها المكافحين في زمن بيع الضمائر وسوق النخاسة للمواقف.
ويطيب لي أن أعيد وأكرر ما جاء في المقال، وأضع هذه الشذرات بين أقواس، لأقف مندهشا أمام هذه القدرة التعبيرية لما نعتقده ونؤمن به:
(الصحافة، في نظر "المدى"، مرآة للوقائع وحدها، بل مرآة للضمير).
(فـ"المدى" ليست مجرد ثمرة لولادتها المؤسسية، بل ثمرة سيرة نضالية طويلة، تجذرت في تراب الصحافة العراقية الحرة، وتكونت عبر عقودٍ من الالتزام المهني، والمواقف المبدئية، والانخراط الفعلي في معارك الكلمة والحرية والعدالة.))
(أن "المدى" لم ترفع يوما إلا راية الكلمة، ولم تؤمن إلا بأن الدولة وحدها هي المخولة بحمل السلاح وبسط الشرعية.)
(لم تكن "المدى" في يوم من الأيام على هامش المعركة من أجل الحريات، بل كانت دوما في قلبها، مدافعة عن الديمقراطية بوصفها خيارا لا رجعة فيه، وعن حرية التعبير كحقٍ مقدس لا يخضع للمساومة أو التأويل).
(في عيد تأسيسها، تجدد "المدى" عهدها، لا بوصفه طقساً احتفاليا، بل التزامًا متجددا: التزاما بالمهنية الصارمة لا بالحياد الزائف الذي يساوي بين الضحية والجلاد).
كل عام والاستاذ فخري كريم في صدارة "المدى"، كما أنت قائد فذ في الحركة الفكرية والثقافية، ترسم خطا سياسيا يضع حرية الإنسان وكرامته في مركز الاهتمام.
كل عام ونحن ننهل من فكر مؤسس المدى وقلمه، وأما أنا شخصيا فأتعلم من أسلوبه وقوة حجته، رغم فقري أمام جزالة ألفاظه وعمق طاقته النقدية. وسأبقى أتعلم، لعلي أنهل شيئا من معينه الذي لا ينضب.










