TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: البرلمان يقول لكم: ختامها "بوكسات"

العمود الثامن: البرلمان يقول لكم: ختامها "بوكسات"

نشر في: 7 أغسطس, 2025: 12:09 ص

 علي حسين

اعتقد العراقيون واهمين أن الخطر الأكبر الذي يواجه بلادهم هو نهب المال العام والمحسوبية والانتهازية السياسية وغياب الكفاءات، لكن السادة النواب قرروا ان يقدموا عرضا من عروض السيرك، فكانت الخاتمة بوكسات "طائفية"، بطلها النائب علي الحيدري ومنافسه في حلبة النزال رعد الدهلكي. ولأن البرلمان مهتم بمتعة المواطن وترفيهه فإنه يريد لهذه النزالات ان تتواصل، ان يواصل رئيس البرلمان محمود المشهداني دروسه في السياسة وكان آخرها محاضرة بعنوان "ظل البيت لمطيرة"، ما جرى من حفلة "البوكسات" داخل قبة البرلمان يؤكد للمواطن العراقي بالدليل القاطع أن البرلمان لا يزال سجيناً لأمزجة مسؤولين يخلطون السياسة بالكوميديا منذ سنوات.
ولأن البرلمان مهتم براحة بال المواطن وخوفه عليه من الزلزال فإنه لا يريد له الدخول في تفاصيل المعارك التي تدور داخل قبته لمعرفة القوانين التي لم تناقش حتى هذه اللحظة، كما يسعى البرلمان ألّا يشغل تفكير المواطن المسكين بملفات الكهرباء والصحة والتعليم.
هذه حقائق وليست رجماً بالغيب أو ادعاء معرفة أو خبرة، لكنه الواقع يؤكد أن هناك قوى متنفذة تسعى لاستخدام "البوكسات" كسلاح في معركتهم السياسية مع خصومهم، وتنسى ان المواطن لا يريد شعارات ومعارك، فهو يريد أمراً رغم بساطته صعب للغاية، لا يحتاج إلى كلام كثير، لكنه يحتاج إلى عمل دؤوب ورؤية وضمير يقظ وروح وطنية.
على السياسيين والمسؤولين الانشغال بهذه الاحتياجات للمواطن البسيط. إنهم لو فعلوا ذلك ونجحوا فسوف تصبح كل القضايا الأخرى هامشية. ووقتها سيكون لدينا مواطنون يعرفون حقوقهم ويصنعون ديمقراطية حقيقية، لا ديمقراطية "البوكسات".
يجب أن نأخذ دائماً في الاعتبار الفارق بين الأمم التي نشأت على ثقافة الحوار، وتلك التي تصر على أن البرلمان مجرد ترديد هتافات، الفارق بين البرلمانات التي تحترم فيها الديمقراطية وبين برلمان "البوكسات" مثل الفارق بين مجتمع حر منتج، يحرص فيه المسؤول على تحقيق العدالة الاجتماعية، وآخر لا يملك شيئاً سوى اللقاءات التلفزيونية وإشاعة قيم البطالة والخراب.
ربما يتهمني البعض حتماً: بانني اكتب ضد الديمقراطية والحياة النيابية.. أيها السادة اعذروا جهلي فأنا منذ أن صدّعت رؤوسكم بهذه الزاوية، لديّ مشكلة مع ما يقوله "مقاولو السياسة" والمسؤولون عن الفساد والإصلاح، وتراني أضحك كلما أسمع "مقاولاً" سياسيا يذرف الدمع على حال العراقيين، ويطلق الزفرات والآهات على أحوال البلاد والعباد، والأموال التي سلبت في وضح النهار. فما بالك أن أقرأ هذه الأيام مطولات عن الفساد والإصلاح؟ ما جرى في البرلمان هو حكايتنا جميعاً مع مندوبي الشعارات الذين يعتقدون أن الحــلَّ في أزمات البلد هو " البوكسات "

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram