بغداد / المدى
أكد ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في العراق، صلاح الحاج، أن العام الحالي قد يكون الأصعب من حيث شح الأمطار والجفاف منذ عام 1933، مبيناً أن الظاهرة ذات طابع عالمي لكنها تؤثر على العراق أكثر من غيره. وأوضح أن إقليم كوردستان يمتلك إمكانيات أفضل للتكيف بفضل طبيعة تضاريسه وتنوع بيئته الزراعية، في حين تواجه مناطق الجنوب، خصوصاً الأهوار، تحديات معقدة تشمل شح المياه وارتفاع الملوحة وتدهور التربة، ما انعكس على الزراعة وتربية الجاموس.
وأشار الحاج إلى أن «فاو» تنفذ عدة مشاريع بالشراكة مع الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، منها نماذج تطبيقية في حوض أربيل تعتمد على الاستشعار عن بعد لتحديد أوقات الري المثلى، ومشاريع في محافظات الوسط لتطوير البنى التحتية للمياه وتشجيع التقنيات الحديثة. كما تم هذا العام تأمين مشروع من صندوق المناخ الأخضر يهدف إلى الاستخدام الأمثل للطاقة والمياه وربطه بالأمن الغذائي والسياسات الزراعية.
تدهور الأهوار وتراجع المساحات الزراعية
كشف الحاج أن نسبة الجفاف في الأهوار تجاوزت 70%، بينما جف هور الحويزة بالكامل، ما أدى إلى ارتفاع الملوحة ونزوح عائلات مربية للجاموس نحو ضفاف الفرات. كما تراجعت المساحات الزراعية إلى ما دون النصف، مؤثرةً على دخل آلاف الأسر الريفية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وأرجع ذلك إلى أسباب متراكمة، منها ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع الأمطار، وزيادة عدد السكان، وقطع الأشجار، وسوء إدارة الموارد الطبيعية، مع كون 70% من مساحة العراق ذات مناخ صحراوي وجاف.
ذكر الحاج أن مواجهة الأزمة تتطلب مقاربة متعددة الأبعاد تشمل تغيير الممارسات الزراعية وتحسين كفاءة استخدام المياه، مشدداً على أهمية الخطط الاستراتيجية طويلة الأمد وإعادة تأهيل البنى التحتية، وبرامج التشجير، وإدارة المياه والتصحر.
وسجلت وزارة الموارد المائية انخفاضاً في إيرادات دجلة والفرات إلى أقل من 30% مقارنة بالسنوات السابقة، ما أدى إلى تراجع المخزون المائي في السدود والخزانات، وانعكس سلباً على الزراعة والثروة الحيوانية. وكانت الأهوار في ذي قار وميسان والبصرة الأكثر تضرراً، إذ شهدت جفافاً شبه كامل ونفوق أعداد كبيرة من الجواميس.
مشاريع اتحادية وإقليمية
أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني منتصف عام 2024 عن مشروع لتأهيل وتحديث منظومات الري في الوسط والجنوب، يتضمن دعم تقنيات الري بالتنقيط والمغلق، وبناء سدود صغيرة ومتوسطة لتجميع مياه الأمطار، إضافة إلى برامج استشعار عن بعد بالتعاون مع «فاو».
وفي إقليم كوردستان، أطلقت الحكومة مشروعاً طارئاً للمياه في أربيل لضخ مياه الزاب الكبير وضمان الإمداد لـ30 عاماً، ومشروعاً لنقل مياه الزاب الصغير إلى قوشتبة لإغلاق مئات الآبار وتجديد المياه الجوفية. كما تنفذ مشاريع لمعالجة المياه المستعملة، وإنشاء أحواض وخزانات مائية وحفر آبار لتجميع مياه الأمطار بكلفة 150 مليون دينار، ضمن خطة للانتقال إلى الاعتماد على المياه السطحية بدلاً من الجوفية.










