السليمانية / سوزان طاهر
كشفت شبكة "ذا مونيتر" الأمريكية عن بنود مسودة موازنة الإنفاق العسكري للولايات المتحدة لعام 2026، التي تضمنت تغييرات لافتة في شكل الدعم المقدم للعراق، شملت إيقاف تمويل رواتب قوات البيشمركة، وتقليص المساعدات المخصصة لوزارة الدفاع العراقية، مقابل زيادة كبيرة في دعم جهاز مكافحة الإرهاب.
وتُظهر مسودة موازنة الإنفاق العسكري الأمريكية لعام 2026 تحوّلًا لافتًا في طبيعة الدعم الأمريكي للعراق، مع توقف واشنطن عن تمويل رواتب قوات البيشمركة، وتقليص المساعدات الموجهة لوزارة الدفاع العراقية، مقابل مضاعفة تمويل جهاز مكافحة الإرهاب، في خطوة توصف بأنها إعادة تموضع استراتيجي لمصالح الولايات المتحدة في العراق.
وتدعم الولايات المتحدة الأمريكية قوات البيشمركة بمبالغ من المساعدات المالية منذ اشتراكها في القتال إلى جانب قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش عام 2014، إلى جانب قوات قتالية أخرى.
انتهاء الحرب
وبهذا الصدد، يؤكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي أن قرار وقف التمويل المالي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية جاء بناءً على سياسة ترامب الجديدة، التي أوقفت المساعدات لجميع الدول والمنظمات ووسائل الإعلام.
ولفت خلال حديثه لـ"المدى" إلى أن "التمويل المالي هو جزء من الدعم لقوات البيشمركة نتيجة اشتراكها في الحرب ضد داعش، وبما أن الحرب قد انتهت، ولا وجود لمخاطر حاليًا، فقد تم وقف التمويل".
وأضاف أن "المبلغ المالي الذي كان يقدم لقوات البيشمركة هو 30 مليون دولار شهريًا، ويساهم بدفع جزء من رواتب قوات البيشمركة، لكن تلك القوات رواتبها من حكومة الإقليم، وتدفع مع رواتب الموظفين".
وأشار إلى أن "الحل الأمثل لإنهاء مشكلة رواتب البيشمركة يتمثل بربطها بمنظومة الدفاع الوطني، وصرف رواتبها من وزارة الدفاع الاتحادية"، مؤكدًا أن المساعدات العسكرية الأمريكية والدعم اللوجستي مستمران، وهذا الأمر لن يؤثر على العلاقة مع قوات التحالف الدولي.
إيقاف مؤقت
من جهة أخرى، يؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد كريم أن إيقاف التمويل المالي لقوات البيشمركة مؤقت، وهناك توجه لإعادة استئناف الدعم للبيشمركة ولقوات "قسد" في سوريا.
وأوضح خلال حديثه لـ"المدى" أن "وقف التمويل لا علاقة له بالضغوطات الأمريكية حول ضرورة توحيد قوات البيشمركة ضمن منظومة واحدة، ولكن الأمر يتعلق بسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أوقفت التمويل المالي والدعم لجميع المنظمات والدول والمؤسسات".
وأردف بأن "هناك مظلومية كبيرة تقع على قوات البيشمركة، حيث بالرغم من كونها جزءًا من منظومة الدفاع الوطني، لا يتم دعمها بدينار واحد من قبل وزارة الدفاع، ولم يتم تزويدها بطلقة واحدة، بالرغم من كونها قدمت تضحيات كبيرة، وساهمت في تحرير المدن العراقية من سيطرة تنظيم داعش".
وكانت وسائل إعلام مختلفة قد تحدثت عن تلقي قيادة الأحزاب الكردية وحكومة إقليم كردستان تهديدات صريحة من التحالف الدولي، وخاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، تتعلق بضرورة توحيد قوات البيشمركة.
وقالت المصادر إن "الدول المشاركة في التحالف الدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة، أرسلت رسائل واضحة إلى حكومة إقليم كردستان، تضمنت تهديدات بإيقاف التمويل المالي والعسكري، الذي يصل إلى حوالي 35 مليار دينار شهريًا، فضلًا عن الدعم بالأسلحة الثقيلة والمعدات والتدريب المقدم لقوات البيشمركة، إذا لم يتم توحيد قوات البيشمركة في إطار قوة واحدة تابعة لوزارة واحدة، ومرتبطة برئيس الإقليم".
عدد القوات
ويبلغ تعداد قوات البيشمركة نحو 125 ألف مقاتل، لكنها تنقسم إلى قسمين: قوات 70 التابعة للاتحاد الوطني، وتتمركز في السليمانية وحلبجة، وقوات 80 التابعة للحزب الديمقراطي، تنتشر في أربيل ودهوك.
وبحسب الدستور العراقي لعام 2005، فإن قوات البيشمركة هي "منظومة الدفاع الوطني" الخاصة بإقليم كردستان، حيث جرى في 2009 توحيد وزارتي البيشمركة في أربيل والسليمانية ضمن وزارة واحدة، لكن بقيت قوات 70 وقوات 80 تعملان بشكل منفصل.
وتتخذ القوات الأمريكية من قاعدة الحرير ومطار أربيل مقرات لها، لغرض تدريب وتأهيل قوات البيشمركة، حيث يتواجد مجموعة من المستشارين التابعين لدول التحالف الدولي.
وفي سياق متصل، يقول الخبير في الشأن العسكري سعيد مصطفى إن القرار الأخير للولايات المتحدة لن يؤثر على قوات البيشمركة من الناحية العسكرية.
وأضاف خلال حديثه لـ"المدى" أن "المبلغ الذي كان يقدم لقوات البيشمركة مبلغ رمزي، لا يوازي عدد قوات البيشمركة وحاجتها الفعلية من ناحية الرواتب والتجهيزات، ولكنه يساهم بجزء بسيط يمكن تعويضه".
وتابع أن "التمويل الذي توقف هو فقط من الولايات المتحدة الأمريكية، بينما هناك دول أخرى داخل التحالف الدولي ما تزال تقدم المساعدات المالية والعسكرية، مثل فرنسا، وهولندا، وألمانيا، وبريطانيا، وغيرها".
هل تتأثر البيشمركة بوقف الدعم المالي الأمريكي.. وما هو البديل؟

نشر في: 10 أغسطس, 2025: 12:51 ص









