TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: نحن أو الفوضى

العمود الثامن: نحن أو الفوضى

نشر في: 11 أغسطس, 2025: 12:24 ص

 علي حسين

في 22 آذار 1945 اقترع البريطانيون على خسارة تشرشل الذي قاد بلادهم إلى النصر في الحرب العالمية الثانية.. لم يفعل صاحب شارة النصر الشهيرة، شيئا سوى أن قال لسكرتيرته: "ماذا نفعل ياعزيزتي.. إنها الديمقراطية التي ستجعلني أنصرف إلى هوايتي المفضلة.. الرسم والكتابة.". وبعد سنوات يقترع الفرنسيون ضد التعديل الدستوري الذي اقترحه ديغول.. ولم يفعل الجنرال الذي حرر فرنسا من الألمان سوى أن وجه رسالة قصيرة للشعب جاء فيها:" اعتبارا من اليوم أتوقف عن ممارسة عملي رئيساً للجمهورية الفرنسية
‎ لا أريد من هذا المقال، مقارنة ساستنا بديغول أو تشرشل.. فأكيد لا أحد منهم لديه هواية الرسم والكتابة.. وايضا لا أحد منهم يؤمن بالتداول السلمي للسلطة.. فنحن لا نملك برلماناً يذهب إليه المسؤول ليقدم كشف حساب بما قدمه للناس.
الأنظمة الديمقراطية تعطي الحق للناس بانتخاب من يمثلهم في المؤسسات التشريعية والتنفيذية.. لكن ديمقراطيتنا "العرجاء" تريد أن تنقل إلينا نموذج "الزعيم الأوحد".. وحين نقول ياسادة، دورتان من السلطة ألا تكفي؟! يكون الجواب: إنهم وحدهم القادرون على إنقاذ البلاد من الكوارث، وإنهم ماسكو العراق، ولولاهم لانفرط عقده.
من سوء الحظ انه بعد سنوات ما يزال الكثير من سياسيينا يمارسون الخديعة والكذب، ومن سوء الحظ أيضا أن مسؤولين كباراً يتغنون بالديمقراطية كل صباح لكنهم لا يمانعون من الانقضاض عليها حين تتعارض مع مصالحهم الخاصة... لا ديمقراطية الا لحزب واحد والباقي خونة ومتآمرون وينفذون أجندات خارجية.. لا مكان لأحد.
ما الذي علينا أن نتعلمه من تجارب الشعوب؟ إن الأمم لا تزدهر في ظل ساسة يعتقدون أنهم وحدهم يعرفون مصلحة البلاد.. فالعدالة الحقة لا مكان لها في ظل رجال يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان، بأنه لا خيار أمام الناس سواهم..لأنهم وحدهم يملكون القوة والحزم، مستبدون يخيفون الناس، لكنهم عادلون في توزيع العطايا والمنح على مقربيهم، وعادلون أيضا في توزيع الظلم على الناس.. أدركت هذه الشعوب، أن الحل في دولة مؤسسات يديرها حاكم إنسان وليس نصف إله، يتغير كل فترة لكي لا يتوحد مع كرسيه، ويتصور أنه بطل منقذ.. اكتشف العالم أن فكرة دولة الخلاص إنما هي أوهام يصرّ المستبدون على زرعها في نسيج المجتمع.
اليوم الناس بحاجة الى بناء دولة حديثة. وهذا يعني أن كل "البكتيريا" المضرة التي تكونت على جسد مجالس المحافظات، لا بد من مكافحتها وإزالتها بأجود انواع "مبيدات" الديمقراطية.. فلا مكان لمسؤول وسياسي يعتقد ان المنصب فرصة للاثراء بسرقة البلاد.. فالمكان فقط لدولة، تتحقق فيها الحريات العامة، ويجد فيها المواطن مناخا للتعايش لا للسيطرة من طرف واحد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram