خاص/المدى
أكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى العبادي، اليوم الاثنين، أن الوزارة تعمل وفق توجيهات الحكومة ورئيس مجلس الوزراء على تنظيم الأحمال الكهربائية بما يتناسب مع قدرات الشبكة وتحسين أدائها، موضحاً أن مشروع العدادات الذكية يعد أحد الحلول الأساسية لتحقيق هذا الهدف.
وقال موسى في حديث تابعته المدى، إن "العدادات الذكية تتيح تأهيل شبكات التوزيع للمشتركين في المناطق الزراعية والعشوائية، وتساعد في تقليل الفاقد الكهربائي وزيادة موارد الجباية، فضلاً عن منع القراءات المغلوطة والتقديرية، وتمكين المواطنين من الدفع الإلكتروني بدلاً من النقدي".
وأشار إلى أن "الوزارة درست تجارب عدة دول، منها إقليم كردستان، مصر، الأردن، إيران، والسعودية، للاستفادة من خبراتهم"، لافتاً إلى أن "المشروع نفذ بالفعل في محافظات الأنبار، كركوك، ديالى، وواسط، مع خطط لتطبيقه لاحقاً في بغداد، البصرة، ميسان، بابل، وكربلاء".
وأوضح موسى أن "تركيب العدادات الذكية مجاني للمواطنين ولا يتضمن أي زيادة في التعرفة، مع بقاء ملكية الشبكات والمحطات والأعمدة للدولة"، مشدداً على أن "الهدف هو السيطرة على الارتفاعات غير الطبيعية في الطلب الكهربائي خاصة في الصيف”. وأضاف أن "المشروع يُطبق حالياً في المجمعات السكنية والمدن الاستثمارية الصناعية والتجارية، كخطوة نحو تحسين جودة الخدمة وتقليل الفاقد في الشبكة الوطنية".
من جانبه، يقول الخبير في شؤون الطاقة، عبد الرحمن الجنابي، خلال حديث لـ(المدى) أن "العدادات الذكية تمثل قفزة نوعية في إدارة قطاع الكهرباء، لكن نجاحها في العراق يعتمد على توفير بيئة تنفيذية وفنية متكاملة".
ويردف إن "هذه العدادات تمنح المشترك بيانات فورية عن استهلاكه، وتساعد شركات التوزيع على مراقبة الأحمال بشكل لحظي، ما يحد من الهدر ويعزز التخطيط، لكنه يحذر من أن غياب الصيانة المستمرة، أو عدم تحديث أنظمة القراءة والتحصيل، قد يحول المشروع إلى عبء إضافي".
ويضيف أن "التجارب الدولية، مثل ما حدث في الأردن ومصر، أثبتت أن العدادات الذكية تقلل الفاقد التجاري والفني بنسبة تصل إلى 15-20%، وتزيد إيرادات الجباية بفضل دقة الفواتير، لكن هذه النتائج مشروطة بوجود رقابة تقنية صارمة وتدريب للعاملين".
مشروع العدادات الذكية ليس جديداً على الساحة العراقية. فقد أعلنت وزارة الكهرباء في 2011 عن خطة لتجهيزه في عموم البلاد، لكن المشروع تعثر بسبب مشكلات التعاقد والتمويل، إضافة إلى اعتراضات شعبية خشية ارتفاع الأسعار. وفي السنوات الأخيرة، عاد المشروع للواجهة بدعم من مجلس الوزراء، في ظل معاناة العراق من فاقد كهربائي كبير يتجاوز 40% من الإنتاج، معظمُه ناتج عن التجاوزات وضعف شبكات النقل والتوزيع.
كما أن نجاح المشروع في إقليم كردستان شجع الحكومة الاتحادية على المضي قدماً في تعميمه، حيث ساهمت العدادات هناك في تنظيم الجباية وتقليل الانقطاعات. ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة، أهمها تغطية المناطق النائية، وضمان عدم التلاعب بالأنظمة، وإقناع المواطنين بجدوى المشروع على المدى البعيد.
وبين وعود الوزارة وتوقعات الخبراء، يبقى مشروع العدادات الذكية اختباراً جديداً لقدرة العراق على الانتقال نحو إدارة أكثر كفاءة للطاقة، في بلد يعاني منذ عقود من اختناقات كهربائية، خاصة في ذروة الصيف.










