متابعة/ المدى
الصحفية العالمية المستقلة الايرلندية ، اورلي هالبرن ، التي قضت معظم حياتها في إسرائيل وعملت في مؤسسات ووسائل إعلامية دولية كثيرة تقول ان تقاريرها غالبا ما تركز على الواقع الإنساني للحرب المستمرة في غزة منذ 22 شهرا ، مشيرة الى ان مثل هذا النوع من التغطية نادرا ما يتم التكفل به داخل إسرائيل، لأنه لا يوجد اقبال عليه. كثير من أجزاء غزة دمرت بفعل قصف إسرائيل، وهو أمر لم يحظ بتغطية بارزة في الإعلام الإسرائيلي. انها واحدة من أبرز القصص الإخبارية في عصرنا، حيث تتصدر العناوين حول العالم بشكل دوري . أزمة غزة الإنسانية المتفاقمة تواصل اثارة الغضب في ايرلندا وفي العديد من الدول الأخرى ، مع امتلاء شاشات التلفزيون ووسائل إعلام هذه الدول بصور أطفال يعانون من سوء التغذية ، واكياس جثث ملطخة بالدماء ، وناجين تغمرهم الفاجعة. لكن هل تتم نفس التغطية لهذه الازمة عبر وسائل الاعلام السائدة داخل إسرائيل ؟ بالطبع لا تتم اطلاقا. وتقول الصحفية هالبرن " عندما يشاهد الإسرائيليون القنوات التلفزيونية هنا ، ما يرونه هو جنود إسرائيليون والكثير من الدمار في غزة، وهذا هو كل شيء تقريبا . نادرا جدا ما تتم مقابلة أي فلسطيني، أنت لا ترى الفلسطينيين ولا تسمعهم." وتمضي بقولها " الإسرائيليون لا يريدون ان يروا أنهم ربما يرتكبون خطأ. لا يوجد اهتمام، والاعلام الإسرائيلي متواطئ فعليا في إبقاء الجمهور جاهلا بما تفعله إسرائيل."
المجاعة في غزة
الأمم المتحدة أكدت ان العائلات تعيش ظروفا إنسانية مروعة ويعانون من المجاعة. تقر الصحفية هالبرن بوجود تحول طفيف في الرأي العام في الأسابيع الأخيرة مع اشتداد أزمة الجوع في غزة، ما أدى الى نشر " بعض " التقارير الإخبارية الإضافية. لكنها تقول ان هذه التغطيات غالبا ما تُصوّر الفلسطينيين في صورة سلبية. فعلى سبيل المثال، تعرض صور الغزيين المكدسين حول شاحنات المساعدات بطريق ة تجعل المشاهدين يظنون انهم همج . وتضيف ان معظم التقارير تنتهي بالعبارة " أنها خطأ حماس “، دون أي تمحيص لدور إسرائيل في هذه الأزمة.
قناة 14 الإسرائيلية، اتهامات بالتحريض
القناة التلفزيونية اليمينية المتطرفة ، التي باتت بسرعة المصدر الإخباري الأكثر مشاهدة في إسرائيل .
هذه القناة ، التي تحظى بدعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، تواجه اتهامات متعددة بالتحريض عبر تغطيتها للحرب في غزة. مثال على ذلك ، ما قاله المذيع شمعون ريكلين على الهواء عن سكان غزة: " يجب ألا نزودهم لا بالماء ولا بالكهرباء. دعوهم يموتون هناك!" ورغم الانتقادات حولها ، فهي في طريقها لتصبح ثاني أكثر قناة مشاهدة في إسرائيل ، بحسب تقديرات مؤسسة مراسلون بلا حدود. مع ذلك، يشير التقرير، الى ان هناك بعض الاستثناءات في هذا المشهد الإعلامي. أبرزها صحيفة هآرتس اليسارية. رغم توزيعها المحدود نسبيا ، الا انها تظل أقدم صحيفة يومية في إسرائيل ، وتتمتع بنفوذ كبير محليا ودوليا. تُعد هآرتس استثناء في الاعلام الإسرائيلي لانتقادها سلوك إسرائيل في الحرب وتركيزها على معاناة الفلسطينيين. ويقول الكاتب جدعون ليفي : " القضية ليست آراء سياسية ولا مواقف أيديولوجية . القضية هي الصحافة المهنية. لو فتحت التلفزيون الإسرائيلي أو الصحف الرئيسية، ستظن أن غزة لا يعيش فيها سوى 20 شخصا. من هم؟ انهم الرهائن. ويصورونهم على انهم الضحايا الوحيدون." ويصف ليفي التغطية بانها " مخزية " ، ويرفض فكرة ان الرقابة هي السبب في تغييب صورة الفلسطينيين. مؤكدا بقوله " الرقابة تقتصر فقط على قدرات الجيش. لا شيء أكثر. فاين الرقابة في هآرتس؟" ويحذر ليفي من تهديدات لمستقبل الاستقلال التحريري للصحيفة ، خاصة بعد إقرار الحكومة الإسرائيلية العام الماضي منع المؤسسات الرسمية من الإعلان في هآرتس أو التواصل معها احتجاجا على تغطيتها. وقال " لن يتوقفوا هنا. أنا خائف جدا من ان يحاولوا اسكاتنا عبر تشريعات. حتى الان ما زلنا أحرارا في الكتابة، لكنني لا أعتبر هذه الحرية امرا مضمونا." وقد اكدت مراسلون بلا حدود في تقرير مؤشر حرية الصحافة العالمي تراجع إسرائيل في قائمة حرية الصحافة ، حيث هبطت من مرتبة 86 منذ عام 2022 الى التسلسل 112 ، وذلك بسبب حملات التظليل والقوانين القمعية التي تمارسها. كما أشار التقرير الى ان الصحفيين العرب يتعرضون لمزيد من الترهيب اثناء عملهم، بينما يواجه الصحفيون الأجانب صعوبة متزايدة في الحصول على تصاريح عمل.
وتقول الباحثة ، ايالا بانيفسكي ، من جامعة لندن وصاحبة كتاب " الرقابة الجديدة " بان هناك تهديدات برفع دعاوى قضائية ضد الصحفيين مع الترهيب ، مشيرة الى ان الاعلام الإسرائيلي يواصل التركيز على قصص الرهائن فقط وليس على أي موضوع آخر. وتضيف بقولها " في أوقات الحرب، الناس نادرا ما يطلبون رؤية ضحايا الطرف الاخر. لكن هذه هي الحقيقة، واذا لم تظهر ذلك ، فأنت لست صحفيا بل مجرد تنقل اخبار للتسلية." وكانت صحيفة ، ميامي هيرالد ، الأميركية قد كشفت في تقرير لها الخميس ، ان اكثر من 200 صحفي قتلتهم قوات الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب على قطاع غزة وان اكثر من نصفهم قد تم استهدافهم بشكل متعمد بطائرات مسيرة أثناء تغطيتهم للحرب على القطاع المحاصر . وقال انتوني بيلانجر ، الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين قال ان الجيش الإسرائيلي يستهدف الصحفيين المتواجدين في غزة ، وانه من بين 200 ناشط إعلامي تم قتلهم في غزة خلال 22 شهرا من الحرب ، فان 50 اعلامي منهم قد تم استهدافهم عمدا ، في حين قتل آخرون في غارات استهدفت مدنيين في القطاع.
عن وكالات عالمية










