المثنى/ كريم ستار
في خطوة تهدف إلى الحد من التلوث البيئي وتقليل الانبعاثات الكربونية، شرعت محافظة المثنى، وبالتنسيق مع وزارة النفط والجهات البيئية، في تنفيذ خطة تدريجية لتحويل معامل الطابوق من العمل بالنفط الأسود إلى استخدام الغاز السائل كوقود بديل صديق للبيئة. هذه المبادرة تأتي استجابة للمشكلات البيئية التي تعاني منها المحافظة منذ سنوات، نتيجة اعتماد العشرات من المصانع على تقنيات تشغيل قديمة تستهلك وقوداً ملوثاً.
معاون محافظ المثنى لشؤون الزراعة والموارد المائية، يوسف سوداي، أوضح في حديثه لـ(المدى) أن: "هناك منطقتين تعدان الأكثر تلوثاً في المحافظة، هما عين صيد والشراكية، حيث يتركز فيهما أكثر من 67 مصنعاً للطابوق، جميعها تعمل وفق آليات قديمة تعتمد على النفط الأسود كمصدر للطاقة.
وأكد سوداي أن: "مديرية بيئة المثنى لديها ملفات وإجراءات قانونية بحق عدد كبير من هذه المعامل، لما تسببه من انبعاثات كثيفة وأضرار صحية وبيئية على السكان والمناطق المحيطة.
وأضاف سوداي أن: "الحكومة المحلية عقدت، منذ بداية تشكيلها، سلسلة اجتماعات موسعة بحضور ممثلين عن الجهات الصناعية والبيئية، وخرجت بتوصيات أبرزها إنذار أصحاب المصانع بضرورة التحول التدريجي إلى الغاز السائل خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات. كما تضمنت التوصيات إلزام المصانع بزراعة مساحات خضراء حولها، وتركيب منظومات حرق حديثة تقلل من انبعاث الغازات الضارة.
حملات تشجير ومناطق خضراء
وأشار معاون المحافظ إلى أن المثنى تشهد حالياً حملات واسعة للتشجير، بهدف زيادة الرقعة الخضراء وتقليل التأثيرات السلبية للانبعاثات، مؤكداً أن هذه الإجراءات ستسهم في تحسين جودة الهواء والحد من تلوثه، خصوصاً في المناطق الصناعية المكتظة بمصانع الطابوق.
قرارات وزارية سابقة
وكانت وزارة النفط قد أصدرت، قبل نحو عامين، قراراً يلزم جميع معامل الطابوق في البلاد باستخدام الغاز السائل بدلاً من النفط الأسود، في إطار خطة وطنية للحد من الانبعاثات الكربونية وتحسين البيئة. كما أطلقت الوزارة جولات تراخيص جديدة لاستكشاف الرقع الغازية، لتعزيز إنتاج واستخدام الغاز الطبيعي كبديل نظيف وفعال.
دعم حكومي لأصحاب المعامل
وزير النفط، حيان عبد الغني، أكد أن الهدف من هذا الإجراء هو التخفيف من الانبعاثات الكربونية والحد من التلوث، مشيراً إلى أن الوزارة توفر الغاز السائل بكميات كبيرة وتقدمه بأسعار مدعومة، لتشجيع أصحاب معامل الطابوق على التحول نحو هذا الوقود الأقل ضرراً على البيئة.
كما أوضح عبد الغني أن الوزارة ماضية في دعم مشاريع الطاقة البديلة، ليس فقط في قطاع الصناعات، بل أيضاً في قطاع النقل، إذ بدأت بتنفيذ مشروع لتحوير السيارات للعمل بالغاز السائل بدلاً من البنزين. وبيّن أن ورشاً متخصصة أنشئت لهذا الغرض، مع تكفل الوزارة بدفع نصف تكلفة منظومة التحويل، في خطوة تهدف إلى نشر ثقافة استخدام الغاز وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي الملوث.
فوائد بيئية واقتصادية
الخبراء البيئيون يرون أن التحول إلى الغاز السائل في معامل الطابوق يمثل نقلة نوعية في مجال حماية البيئة، لما له من دور في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتقليل الجسيمات العالقة التي تضر بالصحة العامة. كما أن اعتماد الغاز كوقود يوفر للمصانع تكلفة أقل على المدى البعيد، ويحد من الأعطال الناتجة عن تراكم المخلفات الكربونية في المعدات.
ويؤكد الخبير البيئي ايوب الشمري لـ(المدى) أن: "نجاح التجربة في المثنى سيفتح المجال لتعميمها على بقية المحافظات، خاصة تلك التي تضم تجمعات صناعية كبيرة.
ورغم الإيجابيات، تواجه هذه الخطة بعض التحديات، أبرزها الحاجة إلى بنية تحتية متكاملة لتزويد المعامل بالغاز السائل بشكل مستمر، فضلاً عن ضرورة التزام أصحاب المصانع بالمواعيد المحددة للتحويل، وتجنب التلاعب أو التأخير في تنفيذ الشروط البيئية.
من جهته، يشدد معاون محافظ المثنى يوسف سوداي على أن الحكومة المحلية لن تتهاون في تطبيق القوانين على المصانع المخالفة بعد انتهاء المدة الممنوحة للتحويل، مبيناً أن الغاية ليست فقط تطبيق القانون، بل حماية صحة المواطنين وضمان بيئة نظيفة للأجيال المقبلة.
مع استمرار الحملات البيئية وزيادة وعي المجتمع بأهمية خفض الانبعاثات، يأمل المسؤولون في المثنى أن تسهم هذه الخطة في تحقيق تنمية صناعية متوازنة تراعي المعايير البيئية. فالتحول إلى الغاز السائل، إلى جانب برامج التشجير والرقابة المستمرة، يمثل جزءاً من رؤية أوسع تسعى المحافظة من خلالها إلى أن تكون نموذجاً في تحقيق التوازن بين الإنتاج الصناعي والحفاظ على البيئة.










